ومن هؤلاء النسوة هذه المرأة الفذة أم عمارة نسبية بنت كعب العامر قلبها بالإيمان وحب الله ورسوله والدين الحنيف ذهبت هي وابناها عبد الله وحبيب من زيد بن عاصم وزوجها غزية بن عمرو فاشتركوا مع المسلمين في وقعة أحد وشدت نسيبة ثيابها على وسطها تسقي الجرحى. ولما انهزم المسلمون أتت النبي وصارت بين يديه تدافع هي وذووها عنه بالسيف والقوس، ولما جاء ابن قميئة المشرك يريد قتل النبي (ص) كانت أم عمارة مع من اعترضوه وردوه فضربها على عاتقها ضربة مبرحة - قيل وقد أصيبت أم عمارة هذه ذلك اليوم باثني عشر جرحاً سيف أو رمح أو سهم. ويكفيها فخرا أن الرسول أثنى عليها وقال: - (لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان، ما ألتفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني) وهكذا كانت المرأة المسلمة عامرا قلبها بالإيمان لا فرق بينها وبين الرجل أن سلما وإن حربا. وكم فضل النبي من أمثال نسيبة على الرجال عندما كان يتكلم السيف والرمح! فأين المسلمات اليوم من أخواتهن في ذلك العصر؟
وهذه رفيدة أو - كعيبة - بنت سعد بن سعد الأسلمية التي بنت خيمة في مسجد النبي في غزوة الخندق وعرفت الخيمة باسمها، كانت تأتي بالجرحى إلى خيمتها فتعالجهم وتخدمهم تصلح من شانهم. كانت كرئيسة ممرضات تدير مستشفاها ذاك. . فما أعظمها من امرأة بارة بإخوانها المسلمين المحاربين وما أرحمها بهم، تسهر وتنصب في توفير العلاج وتدبير الراحة لهم! ومثل هذه المرأة يجب أن تكون قدوة للمرأة الحديثة التي يجب أن تهزها الغيرة على الوطن والإيمان بحبه فتنخرط في سلك المتطوعات المرهفات عن الجنود في سوح الوغى، والمرأة الغربية وإن كانت قد غزت نساء العصر الحديث في هذا المضمار فالعربية قد سبقتها بأشواط وأشواط منذ أقدم الأزمان.
ومنهن بنانة امرأة الحكم القرطي كان زوجها اليهودي من ألد أعداء النبي (ص) فهو بعد العهود ولمواثيق التي أبرمت بين النبي واليهود في المدينة حرض امرأته تلك، إذ أشار عليها بان تلقي رحى من حصن الزبير بن طابا اليهودي على جماعة من المسلمين كانوا