(عيادة المطالعة!) ربما يدهشك هذا العنوان وتراه عجيباً ولكن رجال التربية في أمريكا وجدوا أن القراءة فن مهمل فألحقوا بكلياتهم عيادات يعالجون فيها الذين لم تغرس فيهم عادة القراءة أو الذين لا يعرفون كيف تكون المطالعة المجدية.
والآن أقدم لك أيها القارئ دكتور روبرت مدير (عيادة المطالعة) في كلية درثمورت يحدثك عن عيادته:
عيادة المطالعة - أسم غريب ولكنه في الحقيقة ليس بغريب. . . . فالكثيرون من المتعلمين مرضى ولا يعرفون أسس القراءة الصحيحة. وأما مرضهم فهو أنواع؛ فمن الناس من يعجز عن تركيز الذهن فيما يقرأ. ومنهم من يحاول أن يسابق زملاءه كما تحاول السلحفاة أن تلاحق الطائرة. ومنهم من يشعر بدوار كواكب البحر بعد أن يقرا صفحات معدودة. ومنهم من لا يقرأ مطلقاً. . . أجل عيادة المطالعة وما أحوجنا إلى عيادات).
ويحدثنا الكاتب الفرنسي (أندريه موروا) عن أنواع القراء فيقول: (من الناس لهم ولع شديد بالقراءة يدفعهم إلى التهام كل شيء يقع عليه بصرهم من الكتب والصحف والمجلات وغيرها فراراً من عالم الحقيقة إلى عالم الخيال، وهؤلاء لا يستفيدون إلا القليل التافه من قراءتهم.
ويقول نورمان لويس أستاذ القراءة بعيادة المطالعة بجامعة نيويورك: (إن القراءة أهم ما نتعلم ونحذق، فإنه لا يوجد عمل إلا وهو يحتاج إليها. وفي بعض البلدان يقل عدد البالغين الأميين ولكن ستين في المائة في الأقل ممن يعرفون القراءة لا يحسنونها)
وعندنا يتخرج الطالب في مدرسته أو كليته وهو يكره الكتب وإن قرأ فهو لا يقرأ إلا الصحف والمجلات ويهمل مسائل العالم الأخرى من سياسية واجتماعية وثقافية. وكلما تقدم في السن ازداد تعلقاً بآرائه الأولى التي شب عليها فهو في ركود نفسي لا يتطور مع الزمن ولا يساير الآراء الجديدة في الأخلاق والاقتصاد وأنواع الثقافات الأخرى المختلفة.