قرأت ما كتبه الأستاذ محمود الشرقاوي في العدد سنة ٧٨٦ من الرسالة الغراء، وما علق به الأستاذ سليمان دنيا في العدد ٧٨٩ من المجلة المذكورة. ومقالة الأستاذ الشرقاوي كما وصفه الأستاذ دينا قد صور الأهداف العليا التي ينبغي أن يتجه إليها المصلحون للأزهر حتى يتحقق له أن يكون قواما على نهضة دينية أساسها الفهم والإدراك وسعة الأفق ليقاوم ما ينتاش العالم كله من إباحية وإلحاد.
هذه ناحية، والناحية الأخرى أن يخرج الأزهر طائفة من الرجالي يحسون ويدركون علة هذه الأمة الإسلامية وأسباب جمودها تخلفها، وجهالة العوام فيها وتواكلهم وضعف إيمانهم وانصرافهم عن المفيد النافع من شئون الحياة، واستهتار الخواص وأنانيتهم وجحودهم.
ولقد عتب الأستاذ الشرقاوي أنه ألم يرسم الخطوط ولم يبين المعالم للإصلاح. وأنا بدوري اعتب على الأستاذ دنيا أنه لم يحاول أن يكون له فضل السبق إلى بيان الطريق الموصل إلى الإصلاح بعد قوله: فمن الأزهر بين كثير من المعنيين بالإصلاح في الأزهر يجاهدون ما وسعهم الجهد لإفساح المجال فيه لسياسة علمية صحيحة. ولست أدعي أنهم نجحوا في محاولاتهم ولكنهم دائبون حريصون؛ ومن الأزهريين كثير من المشغوفين بالحديث وهمهم الذي يتذاكرونه في غدوهم ورواحهم وفي خلواتهم ومجتمعاتهم ولهم في هذه السبيل نشاط مذكور.
وأنا لا اشك في أن الأستاذ دنيا من هذا النفر الكريم الذي يعملون في هدوء ويفكرون في سكينة ولا يطلع أحد على مجهودهم أو إلا يحبون أن يقف أحد على مجهودهم. ولا أدري إلى متى يظلون يفكرون ويقلبون الرأي ويمحصونه ويستخلصون من وراء ذلك كله ما لا يطلع علبه أحد أو ما لا يريدون أن يطلع عليه أحد.
وعلى هؤلاء وحدهم ممن يشعرون بالمسؤولية ويلمسون النقص وبين جوانحهم ضمائر حين تفكر في النهوض بالأزهر إلى المستوى اللائق به تقع التبعة أمام الجيل الحاضر والأجيال القادمة بل أمام الله وأمام رسوله.
وإلى متى يظل هؤلاء في تفكيرهم وسكوتهم. ألم يسمعوا المرسوم الصادر بإنشاء قسم