نشرت الرسالة في العدد الماضي بيتين من الشعر لسعادة الأستاذ الجليل الشيخ مصطفى عبد الرازق باشا، وقد يحسب بعض القراء أن هذين البيتين يتيمان ليس له غيرهما ولكنا نقول لهم إن لسعادته أشعاراً كثيرة ولكنه لم يُعن بنشرها، ونحن نذكر هنا بضعة أبيات من قصيدة مدح بها الأستاذ الإمام محمد عبده عند عودته من أوروبة وتونس والجزائر سنة ١٩٠٣ (أي منذ أربعين سنة) وهاهي ذي:
أقبل عليك تحية وسلام ... يا ساهراً والمسلمون نيام
تطوى البلاد وحيث جئت لأمة ... نشرت لفضلك بينهم أعلام
كالبدر أنَّى سار يشرق نوره ... والحق أنَّي حل فهو إمام
إن يقدروا في الغرب علمك قدره ... فَلَمصْر أولى منهم والشام
فيك الرجاء لأمة لعبت بما ... يُلهى الصغار وجدت الأيام
لا زلت غيظاً للضلال وأهله ... والله يرضى عنك والإسلام
وقد كان جزاءه من شيخه أن كتب إليه كتاباً رقيقاً هذه نسخته:
ولدنا الأديب. . .
خير الكلام ما وافق حالاً، وحوى من النفس مثالاً، تلك أبياتك العشرة رأيتني والحمد لله متربعاً في سبعة منها كأنها الكواكب تسكنها الملائكة وما بقي كله كأنه الشهب، نور للأحباء، ورجوم للأشقياء، ما سررت بشيء سروري بأنك شعرت من علم حداثتك بما لم يشعر به الكبار من قومك. فلله أنت ولله أبوك! ولو أذن لوالد أن يقابل وجه ولده بالمدح لسقت إليك من الثناء، ما يملأ عليك الفضاء، ولكني أكتفي بالإخلاص في الدعاء، أن يمتعني الله من نهايتك، بما تفرسته في بدايتك، وأن يخلص للحق سرك، ويقدرك على الهداية اليه، وينشط نفسك لجمع قومك عليه