[حنين. . .]
للشاعر مصطفى علي عبد الرحمن
أنيري لي الدنيا وهاتي الذي ينسى ... فيا طالما لجَ اشتياقي إلى أمسي
أنا التائه العاني أنا المدلج الذي ... يسيرّ على شك ويخبط في يأس
أريد من الدنيا رضاءك لحظة ... أّعيد بها أنسي وأحي مدى حسي
وأخشى على نفسي من الموت قبلما ... تقيمين أعلام البشائر في نفسي
ذكرت ليالينا الحبيبات مّبعداً ... عن الدار لا صفو لدي ولا كأسي
أبيتّ على هم وأصحّو على أسى ... الأشدَ ما أصحو عليه وما أّمسي
وأمشي وراء الوهم والوهمّ قاتلّ ... فلا شاطئّ يدنو ولا زورق يرسي
فياضلة الفكر المعذب ما ونتْ ... تكيلّ له الأيام تعساً على تعسِ
هنا ملعب فيه انتشينا مع الصبا ... وكأن لنا منه مراح وسامرّ
هنا في ضياء العمر كان لقاؤنا ... بعيدين عما تتقيه النواظر
هنا كانت الدنيا ونشوة سحرها ... وطوفان نور من سنا الحب غامر
به سبحت أحلامنا كل مسبح ... وغنت لنا آمالنا والبشائر
بكيت على يومي يمرّ ولا أرى ... له في شعاب النفس رجعاً لأنغام
بكيت على أحباب قلبي تفرقوا ... وخلفت وحدي في مجاهل إظلامي
بكيت على الآمال تذوي على المنى ... على بسمة كانت على ثغري الدامي
أما عودة للأمس في ظل نشوة ... أحطمّ في أنوارها كيد آلامي
أيا شاطئ الإلهام كيف تمزقت ... أمانيَ في تلك الرحاب النواضر
وأصباحنا ما بال أصباحنا مضت ... وخلَفن لي ظلم العشايا البواسر
فؤادي ألا تحنو على قلبيَ الذي ... أتاك لهيفاً مستثار الخواطر
أرى بسمة تعلو محياك نورها ... كأنك من أحلامنا جد ساخر
ويا أيها الحلم البهيج الذي انطوى ... أتلقاك منى النفسّ والعين ثانيا
فأسبح في أنوارك البيض لحظة ... وأمرح في أجوائك الزهر هانيا
وتنسى بك الهمَ الدفين حشاشة ... على الألم اللذاع تقضي اللياليا