للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أسئلة وأجوبة]

للأستاذ عباس محمود العقاد

أتلقى بالسرور بعض الرسائل الأدبية التي تشتمل على أسئلة من أصحابها يستطلعون بها الرأي في غرض من أغراض الأدب يقع عليه الخلاف، ويحسن عرضه للقراء من وجهات النظر المتباينة. ومن أمثلة ذلك هذه الأسئلة التي تلقيت بعضها من العراق وبعضها من فلسطين واتفق أصحابها الفضلاء على طلب الإجابة عنها في مجلة الرسالة التي أصبحت كاسمها رسالة من العرب إلى العرب في جميع الأقطار

يقول الأديب الفاضل (عبد الحميد صالح) بالبصرة بعد تمهيد أومأ فيه إلى سابقة هذا البلد الذي عمر زماناً (بأفكار الجاحظ وابتداعات الخليل ومساجلات سيبويه) وغيرهم من العلماء والأدباء:

(. . . إن الأمر يحوطه كثير من اللبس والغموض ويشوبه الاختلاط، وإن الاختلاف فيه هنا بالبصرة قد بلغ حده ولم يرض أحد بأدلة الآخر. والمختلفون اتفقوا على أن يرجعوا إليكم لتقولوا القول الفصل فيه وكلهم من قرائكم على صفحات مجلة الرسالة الحبيبة. وفحواه قول (لاسل آبر كرومبي) في قواعد النقد إن مطالبة الأدب بأن يعلمنا أمراً أو يصلح أخلاقنا تخرج بنا عن فن الأدب، وإن الأدب قد يؤدي كل هذه الأشياء ولكنه لم يكن أدباً لمجرد أدائها)

وبعد أن قال الأديب إنه يدين بنظرية الفن للفن، وإن الأدب كالموسيقى متعة ولذة عاد فقال: (ولكن الذي لا أستطيع أن أفهمه - وهو موضع الخلاف ومدار البحث - هو ما مدى تأثير الأديب في بيئته عملياً؟ إنه يتأثر بالبيئة ولاشك، ولكنه هو هل بغير أحوال الناس ويحور أخلاقهم وينقلهم من طور إلى طور ومن عادة إلى عادة؟ أنا أرى يا سيدي أن الواقع ينقض هذا. فأبو العلاء لم تطبق آراؤه عملياً على كثرة مريديه الذين لازموه. . . والروايات التمثيلية التي تنقد أوضاع الناس أو تحل المشاكل لم نر الناس غيروا ما انتقدوا عليه ولا حلوا مشاكلهم؛ ولكن إنسانية كامنة في أعماق النفس: هي اللذة الفنية؟ وإذن ما مدى تأثير الأدب عملياً؟ إننا نقول إن الشعراء كانوا يبعثون الحماسة في نفوس الثائرين، ولكنني أظن أن الثائرين استعدوا للثورة ثم جاء الأدب يعبر عن عواطفهم، والثورة الفرنسية تهيأت لها

<<  <  ج:
ص:  >  >>