ولقد حرم القرآن الكريم الصور المجسمة التي تتخذ للعبادة (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) والأنصاب هي الأصنام التي تعبد من دون الله كما ذهب إلى ذلك المفسرون. أما التصوير باعتباره أحد الفنون الجميلة، فلم يتعرض له القرآن بشيء بينما تناولته كتب السنة المعروفة بشيء من التفصيل إذ ورد بشأنه نحو مئة وسبعين حديثاً: طائفة منها تنص على لعن المصور، وطائفة تمنع بيع الصور، وطائفة تذكر أن أصحاب الصور يوم القيامة يعذبون، وطائفة تبين إثم من يصنع الصور، وطائفة تحظر استعمال ثوب فيه تصاوير، وطائفة تشير إلى أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وطائفة أباحت تصوير ما ليس فيه روح، وطائفة رخصت في التصوير على الوسائد وما أشبهها
ويجمع علماء الدين الإسلامي على حرمة الصور المجسمة ما لم تكن صغيرة تتخذ لعباً للأطفال أو ناقصة الخلقة لا تستطيع أن تعيش إن قدر ونفخت فيها الروح. أما الصور المسطحة، فقد انقسموا حيالها إلى قسمين: قسم يرى حرمتها، وقسم يرى إباحتها. ويشك المستشرقون في صحة الأحاديث التي تنص على حرمة التصوير ويرون أنها مكذوبة على النبي افتعلها فريق من الفقهاء تحت تأثير اليهود الذين اعتنقوا الإسلام - والتوراة تنهى عن التصوير كما بينا آنفاً - أو ترغيباً في التقشف والبساطة في العيش وتنفيراً من الإقبال على الترف، أو كراهتهم للتصوير نفسه باعتباره من أسلحة السحر. ويرى هؤلاء المستشرقون تبعاً لذلك أن النبي لم يكره الصور ولم ينه عن اتخاذها، وأن تحريمها لم يظهر إلا بعد وفاته بنحو قرن ونصف عندما أخذ الفقهاء يجمعون الأحاديث النبوية
ويقف علماء الآثار من هذا الموضوع موقفين متناقضين: فبعضهم يؤيد المستشرقين فيما ذهبوا إليه ويسوقون الأدلة على ذلك بوجود الصور على النقود التي كان يتعامل بها المسلمون مثل الدولة الأموية، وعلى السكة التي ضربها الأمويون والعباسيون، ثم بتلك الصور التي وجدت في بعض أبنية الأمويين والعباسيين والسلاجقة، وبعضهم يرى أن التصوير كان مكروها في الإسلام وهذه الكراهية ترجع إلى عصر النبي والواقع الذي لا