للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جولات في الأدب الفرنسي الحديث]

تطور الحركة الأدبية في فرنسا الحديثة

عبادة الذات

موريس

١٨٦٢ - ١٩٢٣

للأستاذ خليل هنداوي

يقول (بورجيه) في مقدمته لرواية (التلميذ) إن الإنسان أصبح اليوم (عدمياً لطيفاً) وقد استحال آلة فساد ناعمة الملمس، ويوشك أن يكون كل منا هذا الإنسان. وهذه الآلة قد خلقها شك (رينان)، ولكن شك (رينان) لم يكن شكاً لئيماً ولا متشائماً. وإنما كان شك (ستندال) و (نيتشه) هو الشك الأكثر طغياناً. على أن تأثير (ستندال) لم يبلغ أشده إلا في مطلع عام ١٨٨٠، وتين وبورجيه ومن يتبعهما من الأنصار يمجدون فيه قدرته على التحليل النفسي، وينذهلون بهذه العاطفة الذاتية التي تهيمن على تفكيره. (فالعاقل عنده ليس إلا من يعمل كمثل عمله، يفتش في هذه الحياة عن لذة عقلية صافية) ولم يعط ستندال مذهبه تحليلاً فلسفياً ولذلك لبث تأثيره ضيقاً، بعكس نيتشه الذي أعطى مذهبه قوة وتأثيراً. فنيتشة يتسامى بقوة ويهاجم شريعة العبيد التي أخذت بعد انتشار المسيحية تستعبد الناس. فالمحبة والمساواة والأخوة كلمات جبن وأوهام باطلة تجرب باطلاً أن تحتال على أنظمة الحياة وتتلاعب بها. ونظام مذهبه المقاتلة وسحق الضعيف وظفر القوي الذي يستحيل بعد خروجه من المعركة إنساناً كاملاً وسيداً. يقول زرادشت: (لقد مات الإله - الإله المسيحي. إنني أعلمكم الإنسان الكامل، الإنسان هو شيء يجب أن يفوق نفسه) وقد ذاع هذا الإنسان الكامل في الطبقات المثقفة خلال سنة ١٩٠٠ وفي هذا التاريخ نقلت آثاره وترجمت. وموريس باريس - في رواياته الأولى - حاول أن يكسو هذه الذاتية الخارقة رداء فنياً، فكتب عدة روايات وأعطاها عنوان (مقالات في عبادة الذات) يتخللها تحليل بعيد يقذف بالنفس إلى عالم العزلة (وإنما يجب أن تحس أكثر ما يمكن عندما تحلل أكثر ما يمكن) قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>