أما ثالوث الفساد فهو الغدر والكذب والنفاق، وقد أصبح اصطناع هذه القباحات فلسفة سياسية خطرة. والغدر غير الخدعة في الحرب، فإن الخدعة قدرة أمرها متعارف عليه مباح في قوانين الحرب بخلاف الغدر فهو خسة وعجز عن المواجهة بالقوة. وهو قبيح حتى بين الأشقياء واللصوص، والكذب في السياسة والرياء فيها صار طابعاً عصرياً يفخر به ساسة هذه العصور المتأخرة منذ أن سن لهم (مكيافللي) طريقته التي ينكرها الإسلام الذي لا يعرف إلا سياسة الوضوح والصدق، ويرى الكذب والنفاق صفتين أدنأ من الكفر (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)
في البحث عن سند روحي للحضارة
في فصول هذا الباب الستة يتجلى عزام باشا كرائد إنساني عظيم من الباحثين عن سلام العالم ونظام جديد له، وهو يقف في الشرق الأدنى بين العقلية الشرقية والعقلية الغربية حين يحاكم آراء (ويلز) و (سانكي) في الغرب و (غاندي) و (نهرو) في الشرق
وهو يبدأ بالسؤال الآتي: هل الوصاية على الحضارة للأقوى أم للأتقى؟ ويستقرئ مراحل تاريخ المدنية للإجابة على هذا السؤال فيراها شعلة متنقلة بين الأجناس لم تثبت في مكان واحد ولا دامت لقوم وحدهم، مما يدل على أن التاريخ يأبى أن يشهد لقوم دون قوم