للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في المذهب الرمزي]

تعليق

للدكتور بشر فارس

قبل أن يندفع قلمي في التعليق أحب أن أشكر لصاحب (الرسالة) انبساطه إلى مسرحيتي (مفرق الطريق) إذ سمح بنشر نقد مسهب لها لأسبوعين مضيا، ثم بحث مستفيض في المذهب الرمزي لأسبوع مضى، وكلاهما من قلم الأستاذ زكي طليمات مفتش التمثيل بوزارة المعارف. وكأن صاحب (الرسالة) يُصر أن تُنقل الأساليب المستحدثة على يده إلى قراء العربية. أليست (الرسالة) رسالة؟

والحق أني ما كنت لأتوقع أن يهتز القراء حتى النقاد لمسرحيتي ذهاباً مني أنها تنحرف عن ألوان الأدب المعروف عندنا انحرافاً شديداً فلن يكون مصيرها سوى الضياع، حتى فوجئت بطائفة من الرسائل والمقالات جعلتني أرى الشرق العربي غير نفور مما يهجم عليه من باب كان مغلقاً، بل غير جزوع مما يحمل الفهم بعض المشقة. وإليك دليلا على هذا ما بعث به الأستاذ أمين الريحاني: (تصحفت الرواية أولا بشيء من الاستغراب والدهش. ثم قرأتها لأفهما ففهمتها - أظن - واستكبرتها على صغرها. ثم أعدت قراءتها للمرة الثالثة متلذذاً بمحاسنها الفريدة الجمة، برقائقها الصوفية، وحقائقها المادية، ونظرتها الفلسفية، وروائعها الفنية. . .). فإني لفرح بهذا الأمر لأني حققت ما قلت في توطئة المسرحية: (وعندي أنه قد حان الزمن الذي فيه أصبح الإيجاز والإيماء في الإنشاء الرفيع أحب إلى القارئ العربي المهذب من التطويل والتذييل. . .)

هذا وقد خطر لي أن أصنع للمسرحية توطئة جامعة أبسط فيها طريقة المسرحية لأهيئ الأذهان إلى الوقوف عليها، لا تطاولاً مني، معاذ الله! ولكن تلطفاً في استدراج القارئ إلى القراءة وكشفاً عن نزعة قلمي. وإذ لم أجد بداً من إطلاق عنوان على تلك الطريقة دونت هذه الجملة: (هذه قصة تمثيلية على الطريقة الرمزية - إذا شئت.) أتدري لم قلت (إذا شئت)؟

إن لفظة الرمزية في الأدب الحديث تصرف ذهنك على الفور إلى الطريقة التي ابتكرها نفر من شعراء الفرنسيين خاصة حول سنة ١٨٨٦، تمرداً على الأسلوب الوضعي الجامد

<<  <  ج:
ص:  >  >>