للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

فتح العرب لمصر

تأليف الدكتور ألفرد. ج. بتلر

وتعريب محمد فريد أبو حديد

للأستاذ عبد الحميد العبادي. أستاذ التاريخ بكلية الآداب

سمعت أستاذنا الجليل احمد لطفي السيد بك يقول مرة ما معناه: أننا الآن في دور النقل والتعريب من حياتنا العلمية. وهو قول لا غبار عليه، فان زمن الاقتصار على تراثنا العلمي والأدبي القديم قد انقضى منذ عهد بعيد، وزمن الابتكار في العلم والأدب لم يأت بعد، وينبغي أن يتقدمه زمن نتوفر فيه على نقل أصول العلوم والفنون والآداب الغربية إلى لغتنا العربية إقتداء بما فعل السلف الصالح في صدر الدولة العباسية.

أننا بهذا التوفر نبث في حياتنا العلمية روحا جديدا، ونكسبها مادة جديدة وأسلوبا في البحث والعرض العلمي جديدا، ونكون قد مهدنا للحياة العلمية المستقلة، وأعددنا لها أساسا قوياً راسخا لا يخشى عليه من تطاول البنيان ومرور الزمان، ونكون قد أدينا واجب العلم والوطن والإنسانية جميعا.

لكن الترجمة الصحيحة عبء ثقيل مضن يقتضي كثيرا من الجهد والتضحية. فهي من ناحية المترجم تتطلب غزارة علم وأدب، وإنكارا شديدا للذات، يستعذب معه المترجم أن يكون أسيرا للمؤلف الذي ينقله، وقليل من الناس من يصبر على مثل هذا العناء. ثم هي تقتضي من ناحية الناشر، وبخاصة في بلدنا هذا، أن يوطن نفسه على الخسارة المادية تصيبه مما ينشر، فإذا استطاع أن يخرج من الأمر كفافا لا له ولا عليه فحسبه ذلك.

والناشر يُعد تاجر يقيس قيمة الكتب بالفائدة المادية المرجوة منها، فماذا يحمله على أن يعرض ماله للضياع؟

من اجل هذا كسدت سوق الترجمة في بلدنا، وتأثرت حياتنا الأدبية بهذا الكساد تأثرا شديدا، حتى أصبحت لا شرقية ولا غربية، ولا قديمة ولا حديثة، ولكن الحمد لله، فقد أخذت هذه الحال تؤذن بالتحول والزوال. وآية ذلك ما نسمعه عن التفكير في وضع قاموس عربي

<<  <  ج:
ص:  >  >>