للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العصر الذهبي]

للأستاذ عبد الرحمن شكري

مقدمة:

أولع الناس من قديم الزمن بالتفكير في عصر الإنسانية السعيد: عصر الخير العميم الشامل؛ فبعضهم كان ينشده في الزمن القديم ويبكي انقضاءه، وبعضهم ينشده في المقبل من العصور، يدينه رقي الإنسان. وكثيرا ما استخدم شعاره أهل الحرص لنيل أطماعهم، واقتياد الناس لاستثماراتهم واستذلالهم؛ وكثيرا ما علق الأذلاء بكماله حتى إذا تحكموا ساروا على نهج الطغاة؛ وهو مثل عال ولا تحلو حياة الإنسان إلا به؛ ولئن صدق ما يقوله بعض المفكرين الذين يزعمون تحققه نذير الفناء، فمرحبا بالفناء يكون نذيره الخير كله والسعادة الشاملة والمثل العالي، وقد لا يصدق تشاؤمهم!

الناظم

عصرَ السلام تحية وسلام ... خلعتْ عليك رجاَءها الأقوام

من كل عصر في نسيجك لحْمَة ... أَلأجل صنعك تدلفُ الأعوام

إمَّا دنوت وما عهدتك دانياً ... عَفَّى على نقص الأنام تمام

نستقبل الأيام وهي كوالح ... مستبشرين إذِ التمام إمام

خالوك في الماضي - ولم تك ماضياً - ... إذ زان منه البعد والأوهام

ويرون في غدهم سراباً نائياً ... فيطول نحس العيش والإجرام

تتغير المُثُلُ التي شاقتهمُ ... تتبدل الآمال والأحلام

حسب الورى من حسن عهدك قدوة ... علياء ما إنْ شانها استبهام

ما فاتهم طب الطبيب وإنما ... تتباين الأرواح والأفهام

ولاَنت في سير النفوس إذا صفت ... يدنى إليك البر والإكرام

عطف النفوس على النفوس ولن تُرَى ... أبداً ونفس في الأنام تضام

هيهات يكرم فاضلاً ذو خسة ... أو يغفر الجاني شآه كرام

استبطأوك وأنت بين جنوبهم ... وتَنَظَّروك ودأبك الإلمام

<<  <  ج:
ص:  >  >>