للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٠٠٠ ثم أرادت أن تجعل منه رجلا!]

للدكتور محمد عوض محمد

لقد قض الأمر، وزوجت منه!. . .

فيا للعجب! كيف ألم بالدهر هذا الحادث الخطير، والشمس ما برحت في السماء تجري لمستقر لها، والأرض مازالت تدور حول محورها المائل المنحرف، وتطوف من حول الشمس وتمعن في الطواف؟ والقمر ? أجل القمر ولميزل ينتقل بين منازله المقدرة له من الأزل. . فكيف إذن نزل ذلك الخطب؟

أكبر الظن أن القمر المذكور هوسبب تلك النكبة. أجل هو وحده المسئول عن تلك الكارثة. فأن ليلى قد التقت بأحمد من قبل مرار، في وضح النهار، فلم تر فيه إلا فتى حسن الصورة، ولم تحس نحوه ميلا ولا حبا. . لكنها التفت به بعد ذلك على شاطئ النيل، في ليلة يلمع فيها بدر التمام؛ فإذا القمر يوسوس في صدرها، ويثير في فكرها الأوهام، ويريها صورة ذلك الفتى، وكأنها تمثال لكل ما يتوق إليه قلب المرأة التواق من سحر وجمال وشعر وأحلام أما صوته المتكسر الواهي، فكان يرن في إذنيها كالموسيقى العذبة لكنها كانت من طراز موسيقى شوبرت الرقيقة، لا موسيقى وأغنر العنيفة القوية. . ولقد ساورها الشك لحظة، وأرادت أن تسأل نفسها: (أنى لرجل كامل الرجولة أن يكون في صوته كل هذه الرقة وهذا التكسر؟) لكن القمر لم يدعها طويلا تتلاعب بها الشكوك، بل أوحي اليها بسرعة أن ذلك من أثر العشق الذي استحوذ على أحمد، فرقق من صوته وأكسبه كل هذا اللين والعذوبة والغور!. وكان القمر في هذا كاذبا؛ والحقيقة أن أحمد كان من ذلك الجنس الناعم الخائر الذي يبرأ منه الرجال والنساء على السواء.

فلم تنقض تلك الليلة المقمرة الساحرة حتى كان الحب مالئا قلب ليلى؛ وقد جعل على عينيها غشاوة لن يزيلها الا تعاقب الليل والنهار.

وهكذا تم النصر للقمر الماكر! وياليت الزهرة كانت في السماء تلك الليلة، إذن لمحضت ليلى النصح، وفتحت عينيها لما هو محدق بها من الخطر؛ لكن الزهرة لم تكن (ياللاسف!) في السماء. وهل في الدهر سواها نصير للفتيات يرد عنها الغوائل، ويهديهن سواء السبيل، ويأخذ بأيديهن كي لا يتردين في كل هوة مخيفة ? أما القمر فنصير الفتيان، وعلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>