للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السيدة ملك. . .]

من الوجهة الفنية

للأستاذ محمد السيد المويلحي

أعتقد أن أعظم اللغات ذيوعاً وقوة لا تستطيع أن تكون لغة عالمية يفهمها الجميع، ويتخاطب بها الجميع. ولكن الموسيقى: ملك اللغة الصامتة السامقة التي تؤثر في النفوس جميعاً، وتأسر الأرواح جميعاً، وتربط بين النفوس برباط قوي مكين، هي وحدها ملك اللغة (العالمية) التي تترجم الخوالج المختلفة، والاحساسات المتنافرة. . .

على أن أسماها وأبقاها وأدناها إلى القلب والروح ما كان صادراً عن قلب وروح. ولن تجد قلباً وروحاً يؤثران في النفس، ويأسران الحس كقلب (ملك) وروحها التي وهبتها للفن خالصة

موسيقية عظيمة قديرة، تعيش عيشة مثالية، هي جماع ما في الإنسانية من مثل عليا. أقول: (موسيقية). ولا أقول: (مطربة). لأنها انفردت - وحدها - من بين جميع مطرباتنا بدراسة واسعة، وبثقافة علمية مكنتها من إتقان اللغات الفرنسية، والإنجليزية، والعربية، وبثقافة موسيقية أتاحت لها أن تلحن جميع ما تغنيه بنفسها تلحيناً إن دل على شيء فعلى قدرة قادرة، وعلى مكنة ودراسة عميقة هيأت لها هذا التوفيق، وهذا اللون الذي يزجي إلى النفوس أرفع ما في الفن من جمال ونبل!

أصغر مطرباتنا سناً، وأعظمهن إلماماً بعلم الموسيقى، وأقدرهن على العزف بالعود عزفاً يضعها في الصف الأول بين عازفينا الكبار؛ وليس ثمة من يقرب منها في العزف بين المطربات إلا نادرة، وأم كلثوم، وهما الوحيدتان اللتان تلمان بالعزف. . .

يتركيب صوتها من خمسة عشر مقاماً وهو من نوع: (الكونتر ألتو، والتينور، والميزوسوبورانو). وهذه المطربة الوحيدة (بين النساء) في التاريخين الحديث والقديم التي يمتاز (ديوانها) الأول بأنه (تينور).

صوت غني بذبذباته (نريولاته) حتى ليهيئ للسامع حين شدوه أن هناك أكثر من صوت واحد يغرد، وهو يتمتع (بنفس) طويل يمكنه من الاستمرار في الغناء أكثر من دقيقة دون أن ينقطع للزفير أو الشهيق، ولولا أن صاحبته تضم فكيها عند الغناء لأهلكت من يسمعها،

<<  <  ج:
ص:  >  >>