٢٢ - لفت حصن الأكراد أنظار رجال الآثار والعلماء من أواخر القرن الماضي، وكتبوا الكثير عنه، ولهم المطبوعات والرسوم التي تدل على عملهم المتواصل.
٢٣ - وكان آخر ما ظهر من عمل جدي إنشائي: هو عمل البعثة التي أقامت اكثر من عشر سنوات ابتداء من عام ١٩٢٧ وظهرت نتيجة أبحاثها في المجموعة المسماة التي طبعتها مصلحة الآثار الفرنسية تحت عنوان وهو كتاب من أعظم الكتب الأثرية تأليف ويزيد من قيمة هذا العمل أن البعثة أعادت هذا الحصن إلى بعض رونقه القديم، وأخذت في هذا العمل سنوات عدة، ولذا جاء عملها في الوجهتين: الأثرية والعلمية من الأعمال الخالدة.
٢٤ - وإني إذ أشير إلى هذا ارجوا أن أجد من السلطات المصرية والسورية اهتماماً يفوق هذا الاهتمام لإعادة قلاع القاهرة ودمشق وحلب إلى ما كانت عليه في إبان سطوتها وعزها على نمط لا يقل في قيمته العلمية والأثرية عما قامت به بعثة حصن الأكراد الفرنسية.
٢٥ - وأخذ على البعثة الفرنسية هدمها لقبور من ماتوا من المسلمين ودفنوا داخل الحصن، ومنهم من كان يحكم هذا الحصن باسم مصر نائباً عن السلطة المصرية، أذكر من ذلك تربة الأمير صارم الدين قايماز الظاهري السعيدي أول نائب للسلطنة بعد الفتح، توفي سنة ٦٧٣ ودفن بالحصن. وحقق سوبرنهيم الكتابة التي على شاهد القبر ورسمها، وليس لهذه التربة أثر بعد الترميمات، ولم يكن من حقوق البعثة أن تعبث برفات قائد مصري كبير بعد أن رقدت بالحصن الذي افتتحته جنوده مئات السنين.
٢٦ - اعتاد الناس حينما يتحدثون عن أثر مثل حصن الأكراد أن يشيروا إلى الحروب الصليبية وأثرها ونتائجها وبعض حملاتها، وموضع هذا الأثر في تاريخ هذه الحروب: ولا شك في أن هذه الطريقة واجبة الاتباع، ولكني سأخالف هذه القاعدة من بعض النواحي.