للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب العربي]

عكاظ والمربد

للأستاذ أحمد أمين

من أبعد الأماكن أثراً في الحياة العربية عكاظ والمربد، وقد كان أثرهما كبيرا من نواح متعددة: من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية ومن الناحية الأدبية، ودراستهما تضئ لنا أشياء كثيرة في تاريخ العرب.

ولكن يظهر لي أنه لم يعن بهما العناية اللائقة، فلا نرى فيما بين أيدينا الا كلمات قليلة منثورة في الكتب يصعب على الباحث أن يصور منها صورة تامة أو شبهها، ومع هذا فسنبدأ في هذه الكلمة بشيء من المحاولة في توضيح أثرهما وخاصة من الناحية الأدبية.

عكاظ

في الجنوب الشرقي من مكة وعلى بعد نحو عشرة أميال من الطائف ونحو ثلاثين ميلا من مكة، مكان منبسط في واد فسيح به نخل وبه ماء وبه صخور، يسمى هذا المكان (عكاظ)، وكانت تقام به سوق سنوية تسمى سوق عكاظ، وقد اختلف اللغويون في اشتقاق الكلمة فقال بعضهم: اشتقت من (تعكظ القوم) إذا تحبسوا لينظروا في أمورهم، وقال غيرهم سميت عكاظا لأن العرب كانت تجتمع فيها فيعكظ بعضهم بعضا بالمفاخرة أي يعركه ويقهره، كما اختلفت القبائل في صرفها وعدم صرفها، فالحجازيون يصرفونها وتميم لا تصرفها، وعلى اللغتين ورد الشعر:

قال دريد ابن الصمة: (تغيبت عن يومي عكاظ كليهما)

وقال أبو ذؤيب:

إذا بُنى القباب على عكاظ ... وقام البيع واجتمع الألوف

وكان للعرب أسواق كثيرة محلية كسوق صنعاء، وسوق حضرموت وسوق صحار وسوق الشحر، انما يجتمع فيها - غالبا - أهلها وأقرب الناس إليها. وبجانب هذه الأسواق الخاصة أسواق عامة لقبائل العرب جميعا، أهمها: سوق عكاظ، وسبب عمومها وأهميتها على ما يظهر:

<<  <  ج:
ص:  >  >>