يروي عن الرودكي أنه نظم شعراً كثيراً جداً يقدره بعضهم بألف ألف بيت. وأنه نظم كليلة ودمنة، ولكن ليس عندنا من شعر الرودكي كله الا قطع منها نحو٢٤٢ رباعية، ومن الحكايات المأثورة المشهورة عن هذا الشاعر ما ذكره نظامي العروض، أن الأمير نصر بن أحمد خرج بجيشه إلى هراة فأعجب بهوائها وثمارها، وبقى يتردد في أرجائها أربع سنين حتى ضاق العسكر ذرعاً، ولم يستطيعوا صبراً عن أوطانهم وأولادهم، فذهبوا إلى الرودكي وجعلوا له خمسة آلاف دينار على أن ينظم شعراً يشوق الأمير إلى بخارى. فنظم قصيدة وجاء الأمير وهو يصطبح، فغناها على المزهر فما أتم الأبيات حتى نهض الأمير مسرعا إلى فرسه لا يصبر حتى يلبس حذاءه، وتوجه إلى بخارىلا يلوي على شيء، فلم يدركه الناس الا بعد فرسخين، وهناك قدم له الحذاء فلبسه.
(ما يزال يهب علينا نسيم نهر جيحون ... وما نزال ننشق على بعد روح الأحباء)
ثم يؤثر على الرودكي شعر من نوع الدوبيت أو الرباعي. وهو ضرب فارسي. فهذا أول شعراء الفرس ينظم على أساليب العرب وعلى أسلوب آخر، وهذا ينبئ بما سيكون عليه الشعر الفارسي الحديث من الجمع بين الصبغتين العربية والفارسية.
ثم نجد هذا الشاعر يسبق إلى نظم القصص، إذ نظم كليلة ودمنة، وهذه ميزة أخرى من مزايا الشعر الفارسي كلف بها الشعراء من بعد.
توالى الشعراء من بعد الرودكي وارتقى الشعر على الزمن حتى بلغ غايته.
شجع السامانيون الآداب الفارسية، ولمنصور بن نوح منهم شعر فارسي، فنبغ في أيامهم