المسافة بين منشية الإسكندرية ومحطة الرمل قصيرة، ولكنها على قصرها تريك من أي طريق سلكتها عظم المسافة بين الأمم التي تسود والأمم التي تساد
عشرون أو ثلاثون مكتبة في هذه الطريق بين فرنسية وإنجليزية وإيطالية ويونانية، وفيها من الكتب الأدبي والقصصي والفلسفي والعلمي وكل ما يبحث فيه الباحثون ويصنف فيه المصنفون
والبلاد عربية، فأين هي المكتبة العربية بين جميع هذه المكتبات؟
لا ترى هناك مكتبة واحد؛ وإن رأيت بعض الكتب العربية فقد تراها معروضة في إحدى الوجهات الإفرنجية فرعاً من الفروع الصغيرة، لا أصلا من الأصول الكبيرة التي تتشعب عليها الفروع
لم هذا؟
ألأن السكندرية مدينة تجارية كما يقولون فلا شغل فيها للمصريين غير التجارة والسوق، وغير البضاعة والأسعار؟
إن كانت التجارة صارفاً عن الثقافة فالأجانب في الإسكندرية تجار أو عاملون في التجارة، ولعلهم هم القابضون على أزمة السوق وهم الظافرون منها بحصة الأسد، وما من أجنبي في الإسكندرية إلا وهو طالب مال ومشتغل بحرفة من حرف الاتجار والصناعة. فلم كثرت الكتب الإفرنجية وقلت الكتب العربية في المدينة؟؟
أم هي كثرة الصحف والمجلات كما يقولون قد صرفت المصريين عن دراسة الكتب إلى لهو القراءة وتزجية الفراغ؟
ليس هذا أيضاً بصالح لمعذرة ولا لتفسير، فأن الصحف والمجلات الأجنبية التي تظهر في القاهرة والإسكندرية، أو ترد إليها من لندن وباريس وروما أكبر عدداً وأوسع انتشاراً من صحفنا ومجلاتنا العربية، وهي مع هذا لا تصرف القراء عن مطالعة الآداب ومتابعة العلوم والأخذ بالنصيب المطلوب من الثقافات والفنون.
لا هذا ولا (الأمية) سبب معقول لشيوع الكتب الإفرنجية وندور الكتب العربية في عاصمة