أما شرح ديوان علقمة الفحل فهو عمل أدبي أضطلع به شاب ناشئ هو الأديب سيد أحمد صقر من طلاب القسم الثانوي بالجامعة الأزهرية، فأخرج لنا ديوان علقمة في طبعة أنيقة تقع في ثمانين صفحة من القطع الكبير، ولقد صدره بمقدمة جيدة في حياة علقمة ورحلته إلى الشام وآراء الأدباء في شعره، ثم قام بشكل شعره وضبطه، وشرح مفرداته في ذيل كلُّ صفحة، ولعل اختياره علقمة دون سواه راجع إلى شغفه بشعره، فهو يحدثنا أنه (طحابه في علقمة قلب نابض كله صوغ قريضة وجشمه تبيان غريبة فشرع ينقب درره المتناثرة حتى جمعها ونظمها في هذا العقد).
وأنا مع شأني على نشاطه الأدبي أحب أن أصارحه بأنني لا أميل كثيراً إلى هذا النوع من الشرح الذي يقف عند المعاجم والإتيان بالمرادفات، وخير ما يعمله الأديب في رأيي وبخاصة إذا كانت تحدوه عاطفة الحب والإعجاب كما هو الحال في موقف صاحبنا من علقمة؛ أن يبين لنا جمال شعر الشاعر ومقدرته على التعبير عما في نفسه ومقدار ما في شعره من قوة وعذوبة، وبذلك يكون لعمله من القيمة أكثر مما لو أقتصر على شرح المفردات، على أنها باكورة طيبة أكبر ظني أن ستعقبها خطوات موقفه في خدمة الأدب. كذلك يجدر بمثل أحمد صقر أن يضرب صفحاً من الآن عن تلك (التقاريظ) التي ذيل بها كتابه، والتي لا نرى فيها إلا غلواً يسئ إلى الحقيقة بقدر ما يسئ إلى الأدب.
يأتي بعد ذلك كتاب خاتم النبيين ويقع في نحو مائة وسبعين صفحة كبيرة طبع طبعاً جيداً على ورق متين، ويدور حول حياة النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته، ولقد سار فيه على طريقة طريفة ارتحت إليها كثيراً، فبعد أن سرد في إيجاز حياة الرسول، عمد إلى توضيح بعض المسائل والعقائد بأن يذكر الموضوع، ثم يعرض في إيجاز ما كان يدور في خلد العرب عنه، وبعد ذلك يأتي بالآيات أو الأحاديث التي تبين ما أحدثه الإسلام في تلك المسائل في ترتيب ووضوح يبعدان السأم عن كتابه، ولقد يضطر إلى شيء من الإفاضة فيأتي به بين حين وآخر تحت عنوان على الهامش، وقد استطاع بذلك أن يجتذب