للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المسرح والسينما]

رواية الناصر

(تأليف الأستاذ عزيز أباضة باشا)

(للأستاذ حبيب الزحلاوي)

ما أكثر النواحي الجذابة في هذه الرواية، بل ما أكثر ما اضطرتنا مشاهدها إلى الالتفات إلى الدقائق التي يخالها البعض من النوافل وما هي في الحقيقة إلى في الصميم.

تجمع رواية الناصر بين بدائع الأدب الرفيع، وروائع الفن الجميل، وجلال الملك ولكل من هذه الخصائص روعة وجلال يهزان المشاعر، ويطمئنان الروح، ويثيران النخوة، وقد فعلت فعلتها في نفس كل من حضر تمثيل هذه الرواية على مسرح الأوبرا.

مؤلف هذه الرواية شاعر مطبوع على الشعر، وفنان موهوب يساير سجيته بدون عنت، ويماشي فنه بفطنة وبساطة، لا يجنح جنوح المتفيهقين في التنقيب على الكلمات المهجورة يحشو بها شعره، ولا يحذو حذو المتعالين من أمثال الشعراء الرمزيين، بل جمع عناصر إحساسه، وحشد شوارد خياله في بوتقة شخصيته الخلاقة، وجعل مشاعره تتأثر لتتفاعل فتتحول إلى حياة عاطفية وذهنية. وقد حتم على نفسه، لأمر خاص، أن يستمد موضوعه من وقائع التاريخ العربي في الأندلس، الحافل بعظائم الأمور، فاستمده، في هذه المرة، من ناحية متواضعة من حياة الناصر في قرطبة.

طبع الأستاذ الفنان عزيز أباظة روايته هذه بطابع خاص، فخرجت تحمل سمات الوضوح، والملاحظة، والإنسانية، والعطف والحب أيضاً، كما خرجت أيضاً تحمل سمة تقرير الفكرة تقريراً مباشراً، بصورة صوراً بديعة للجمال الطبيعي، والوقائع المادية، وخلجات النفس، ولهثات الصدور، ورعشات الأفئدة، وبسمات الفرح مرسومة رسماً أميناً يستمد حسنه المنسجم من النور واللون، والجرس والإيقاع، ومن براعة اختيار الألفاظ المعبرة عن المعاني، وقد صب ذلك كله في قالب حلو كل الحلاوة، مسبوك في بحور عديدة من العروض متناسقة متناسبة شجية الإيقاع والنغمات.

لا يسأل المؤلف الروائي فيما كتب فأخطأ، ولا يناقش في أوضاع أرادها لأبطال روايته،

<<  <  ج:
ص:  >  >>