كل أكثر منطقاً لو أن المؤلف يؤرخ للفلسفة. ولكنه يشرح لنا معناها؛ فما كان أغناه عن هذا التقسيم الزمني الذي لا تراعى فيه معاني الفلسفة - قرباً وبعداً واختلافاً واتفاقاً - بقدر ما يراعى فيه تتابع العصور. وقد اضطره المنطق الصحيح للأشياء أن يتحدث عن التوفيق بين الفلسفة والدين عند المسلمين وهو يتحدث عن فلسفة الرومان - ص٢٦؛ لأن المقام هنا ليس مقام زمان ولكنه مقام وحدة في الميزان.
ويقول المؤلف ص٣١ أن صاعدا الأندلسي يذهب إلى أن الفلسفة الإسلامية عربية. وقد حيرني هذا الكلام فإن المؤلف ينقل في الصفحة نفسها عن صاعد الأندلسي قوله:(وأما علم الفلسفة فلم يمنحهم الله - أي العرب - منه شيئاً ولا هيأ طباعهم للعناية به. ولا أعلم أحداً من صميم العرب شهر به إلا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي). فكيف يتفق استنباط الدكتور مع قول صاعد نفسه؟ ودع عنك أن الرواية الصحيحة لقول صاعد هي. فلم يمنحهم الله عز وجل شيئاً منه - ألا أبا يوسف) ينصب أب بعد الاستثناء. (كتاب طبقات الأمم لصاعد ص٧٠ طبعة السعادة).
ويبقى كتاب معاني الفلسفة بعد هذا معرضاً دقيقاً لماهية الفلسفة ومذاهبها المختلفة من أقدم عصورها إلى اليوم، وهو معرض قدمه الدكتور الأهواني على مائدة ليس فيها ذلك الدسم الذي تتهوع له النفس، ولكنه فيها تلك البلغة التي يتزود بها العجلان.