للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الاجتماع اللغوي]

تطور اللغة وارتقاؤها

أثر العوامل الأدبية المقصودة: التجديد في اللغة

للدكتور علي عبد الواحد وافي

مدرس الاجتماع بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول

تبدو حركة التجديد المقصود في مظاهر كثيرة من أكبرها أثراً في التطور اللغوي الأمور الآتية:

١ - تأثر الأدباء والكتاب بأساليب اللغات الأجنبية، واقتباسهم أو ترجمتهم لمفرادتها أو مصطلاحاتها، وانتفاعهم بأفكار أهلها وإنتاجهم الأدبي والعلمي. فلا يخفى ما لهذا كله من أثر بليغ في نهضة لغة الكتابة وتهذيبها وأتساع نطاقها وزيادة ثروتها. والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخ الأمم الغابرة وفي العصر الحاضر. فأكبر قسط من الفضل في نهضة اللغة العربية في عصر بني العباس يرجع إلى انتفاع العلماء والأدباء باللغتين: الفارسية والإغريقية. فقد أخذوا في ذلك العصر يترجمون آثارهما، ويعقبون عليهما بالشرح والتعليق، ويستغلونهما في بحوثهم، ويحاكون أساليبهما، ويقتبسون منهما عدداً كبيراً من المفردات العلمية وغيرها، ويمزجونها بمفردات لغتهم عن طريق تعريبها تارة وعن طريق ترجمتها تارة أخرى؛ فأتسع بذلك متن اللغة العربية، وأزدادت مرونة وقدرة على تدوين الآداب والعلوم. ويرجع كذلك أكبر قسط من الفضل في نهضة اللغة العربية في العصر الحاضر إلى انتفاع الصحفيين والأدباء والعلماء باللغات الأوربية الحديثة، ومحاكاتهم لأساليبها وتعريبهم أو ترجمتهم لألفاظها ومصطلحاتها، واستغلالهم في مؤلفاتهم ومترجماتهم لمنتجات أهلها في شتى ميادين الحركة الفكرية. ولغة الكتابة بفرنسا في العصر الحاضر مدينة بأهم نواحي رقيها إلى تأثرها باللغتين الإغريقية واللاتينية من جهة، وباللغات الأوربية الحديثة من جهة أخرى. فمنذ (عصر النهضة) لم ينفك أدباء فرنسا وعلماؤها دائبين على اقتباس المفردات اللاتينية واليونانية القديمة، ومحاكاة أساليب هاتين اللغتين، وترسم قواعدهما ومناهجها في البحث وقد أخذوا منذ عهد بعيد يقتبسون كثيراً من المفردات

<<  <  ج:
ص:  >  >>