للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأسمار والأحاديث]

للدكتور زكي مبارك

أخي الأستاذ الزيات:

بعد أيام يظهر كتاب (الأسمار والأحاديث)، وهو كتاب صورت به ما يصطرع في الجو الأدبي والاجتماعي من أحلام وأوهام، وحقائق وأباطيل.

وقد كتبت مقدمة ذلك الكتاب وأنا غضبان: فهجمت على أهل العصر بما أعتقد أنهم له أهل، وتوجعت من بعض ما عانيت من الأصدقاء والزملاء.

ومن حقي على مجلة (الرسالة)، وهي صديق، أن تنشر هذه المقدمة على ما فيها من قسوة وعنف، لأنها تصور بلائي بأهل زماني، ولأنها كذلك تؤرخ حياة باحث له بين قراء (الرسالة) أصدقاء لا يؤذيهم أن يفتن بنفسه وبأدبه أشد الفتون.

زكي مبارك

أيها القارئ:

هل تذكر ما يحدِّثك به مِراض القلوب إذ يقولون إني أُثني على نفسي في فواتح مؤلفاتي؟

أنت تذكر ذلك، ولا ريب، لأنهم يُعيدون هذه التهمة في كل وقت بغير حساب.

فهل ترى من حقي أن أدفع هذه التهمة في فاتحة كتابي هذا، لعلهم ينتهون؟!

إن الحاسدين والحاقدين لم يتركوا طريقاً إلا سلكوه لينفِّروك مني، أيها القارئ، ثم عادوا جميعاً خاسئين مدحورين، وتلك عاقبةُ البغي والعدوان.

لقد عابوا عليَّ أن أُفتن أشدَّ الفتون بما وصلتُ إليه من الظفَر بودادك، أيها القارئ، فهل كانوا ينتظرون أن يَغزُوا قلبك بعدْوَى الحِقد والضِّغن فأعيش في دنيايَ بلا صديق؟

إن ودادك، أيها القارئ، هو الذي أرهف قلمي، وصقل بياني، وهو العزاء عما أعاني في دهري وزماني من ظلم وعقوق. وما تذكرتُ حبك، أيها القارئ، إلا غفرتُ ذنوب الدهر وصفحتُ عن مكايد الزمان.

والآن - وقد رُفِع بيني وبينك الحِجاب - أَحِبُّ أن تعرف أني لم أسرق مودتك ولم أنهب ثقتك، وإنما غنِمتُ من مودتك وثقتك ما غنِمتُ بفضل الكفاح الموصول، وبفضل ما أنفقتُ من نور البصر تحت أضواء المصابيح، في زمنٍ تؤخذ فيه بعض المراكز الأدبية بالخداع

<<  <  ج:
ص:  >  >>