لأسرة شوقي صلة قديمة بإسماعيل سمحت له في إحدى قصائده أن يقول إنه ولد ببابه، وكان لأبيه وجده من قبل، صلة بآباء إسماعيل، وقال الشاعر في مقدمة كتابه الشوقيات:(أخذتني جدتي لأمي من المهد، وكانت منعمة موسرة فكفلتني لوالدي وكانت تحنو علي فوق حنوهما، وترى لي مخايل في البر مرجوة حدثتني أنها دخلت بي على الخديو إسماعيل وأنا في الثالثة من عمري، وكان بصري لا ينزل عن السماء من اختلال أعصابه، فطلب الخديو بدرة من الذهب، ثم نثرها على البساط عند قدميه فوقعت على الذهب أشتغل بجمعه واللعب به، فقال لجدتي: اصنعي معه مثل هذا، فإنه لا يلبث أن يعتاد النظر إلى الأرض قالت: هذا دواء لا يخرج إلا من صيدليتك يا مولاي؛ قال: (جيئي به إلى متى شئت. إني آخر من ينثر الذهب في مصر) وتلك القصة تدل ما كان بين أسرة الشاعر وعاهل مصر الكبير من رباط وثيق. ومن المؤكد أن لو كان امتد الزمن بإسماعيل في مصر، حتى نضجت مواهب شوقي في الشعر لكان شاعره الأثير، فقد عرف هذا العاهل برعايته للأدب وحبه للشعراء، ولكن الأيام لم تلبث أن أبعدته عن العرش سنة تسع وسبعين وثمانمائة وألف، وشاعرنا طفل لا يعدو العاشرة من عمره بكثير أخذ الزمن يمضي، وإسماعيل مبعد عن بلاده حتى وافته منيته في مارس سنة خمس وتسعين وثمانمائة وألف، واستقبلت مصر جثمانه؛ وهنا يثور الشعر في صدر شوقي أمام هذا المشهد الفذ من مشاهد الحياة، فيضع قصيدة إسماعيل، يحدثنا فيها عن حياته أو عن العبرة في حياته؛ وإن الجو الذي تخلقه هذه القصيدة، وتحيط به القارئ جو حزن وأسى، والشعور الذي تبعثه في النفس شعور أسف على أن تكون هذه الخاتمة خاتمة ملك ملأ عين الدنيا وسمع الزمان حيناً طويلاً من الدهر.
ليت شعري أكانت تلك الحياة غير حلم امتد ما شاء له أن يمتد حتى إذا انقضى الحلم لم يجد صاحبه شيئاً منه في يديه.
حلم مده الكرى لك مداً ... وسُّدى تبتغي لحلمك رداً
وحياة ما غادرت لك في الأحي ... اء قبلاً، ولم تذر لك بعداً