كتب إلى الجنرال براميل يدعوني إلى قضاء عطلة عيد الميلاد في قريته وأردف يقول: إنني لم أدع هذا العام سوى اللورد تيلوك شقيق زوجتي والسيدة قرينته، ولا أحسب السامر سيكون بهيجا بالقدر الذي تنشده فأسألك المعذرة.
وعلى كل حال إذا كنت لا تبرم بحياة العزلة ولا تخشى شتاء إنجلترا فتفضل بالمجيء وسيسعدنا لقاؤك والترحيب بك والتحدث معاً عن الأيام الخوالي وطيبها.
كنت أعلم إن هؤلاء الأصدقاء قد رزئوا في غضون العام الماضي بفقد أبنه لهم في الربيع الثامن عشر ماتت على إثر سقطتها من صهوة جواد أثناء الصيد فرثيت لحالهم وتأثرت لمصابهم. ولما كنت تواقاً إلى رؤيتهم لأواسيهم وأسرى عنهم فقد قبلت الدعوة.
شعرت بادئ الأمر بالهيبة من الورد تيلوك وزوجته؛ غير أنني سرعان ما أنست إلى صحبتهما عندما عرفتهما، كان في مقدور مضيفي الجنرال براميل أن يظل صامتا مدة ثلاث ساعات لا يفوه خلالها بكلمة واحدة وهو جالس يدخن غليونه على مقربة من نار المدفأة وكذلك كانت حال زوجته تجلس في صمت وهدوء فتعمل أو تطرز. أما اللورد تيلوك فهو ثرثار لطيف، عمل سفيرا لبلاده في عدة أقطار ويدل حديثه على أنه شاهد حقيقة تلك الأقطار على غير ما أثر عن أنداده من السفراء، وكانت زوجته على دمامة خلقها تفيض ظرفا وخفة وإن ارتدت من الثياب أرخصها مما لا يتفق ومكانتها في المجتمع.
لقد خلف الدمع والأسى آثاره واضحة على وجه السيدة برامبل غير أنها لم تحدثني عن فجيعتها ومصابها، اللهم إلا في أول مساء عندما صعدت برفقتها إلى جناح النوم فقد توقفت لحظة أمام الحجرة السابقة لغرفتي وقالت لي: كانت هذه غرفتها. . . ثم استدارت ومضت في سبيلها.