[رسالة الشعر]
رحلة في وجوه الناس
صحراء العجائب
(إلى أصحاب الوجوه المستعارة. . .)
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
تجولت في صحراء تلك العجائب ... وفي سرها المطموس حول الحواجب
وعوذت نفسي قبل أن أبدأ السري ... لعلي أنجو من سموم العقارب
وقلت لعل الله ينصر رحلتي ... فأغنم صيداً نافراً لحقائبي
وألقيت أشراكي لها وحبائلي ... وسرت كحاو هام بين الخرائب
وتعويذتي الكبرى سكون يحوطه ... تربص شيخ مل طول التجارب
أمانك ربي! ذلك الوجه ربوة ... تغنى بها الأطيار من كل جانب
تكاد تنادي العاشقين إلى الهوى ... وتجري لهم أسحارها في المغارب
مزنرة الأغصان بالعطر والندى ... وهمس الصبا في مرعشات الترائب
وتخفي دروباً في الظلال لئيمة ... بها الريح ما أبقت حذاراً لهائب
عداد الحصى فيها أفاع حيية ... كريمات صب الموت فوق المعاطب
تجود به سما نضيراً معطراً ... تدير به النجوى خدود الكواعب
وتجريه ضحاك الردى، كل بسمة ... تهب مع الساق بسهم وضارب
وقفت طويلاً عند أعتاب روضها ... وناديت رب الكون. . ما ذاك صاحبي!
أجرني! فهذا الوجه كم صدت سره ... ولو كان معصوماً بغدر الغياهب
فلم ألقى إلا آدمياً يسوقه ... بجنبيه ذئب مستعار المخالب.
ووجه به وجهان: وجه مقنع ... بآخر مدسوس بزي العناكب
يجاري وجوه الناس في كل نظرة ... ويسرب في إيمائها كالثعالب
ذليل لما يصغي إليه، فسمعه ... خطام ذلول في حبال كواذب
ترى طرفه عبداً لعينيك ضارعاً ... على أي حال من فنون التخاطب