[في أخريات الشباب]
للأستاذ حسين الظريفي
أصبحت لا غضا ولا ذاويا ... أحيي شباباً لم يعد ذاهيا
مالت إلى المغرب شمس له ... كان الضحى أمس بها ضاحيا
لقد مضى عهد الصبا وانقضى ... مقتضيا أوطاره قاضيا
إذا تذكرت احايينه ... كنت به القصة والراويا
يا حُسن أيام بصدر الصبا ... لم يبق منها الدهر لي باقيا
كانت بها لي ميعة من صبا ... أسحب من أذيالها الضافيا
تغفل عيني عين دهري إذا ... ما رحت فيها لاعباً لاهيا
لا أحسب الشمس سوى غادة ... تستأسر الحاضر والباديا
دانية منا على نأيها ... يا رُب ناء لم يكن نائيا
إذا أطلت من عل لم تدع ... شيئاً على وجه الثرى خافيا
كانت ترى مني أخا غفلة ... عما جرى أو لم يزل جاريا
طفلا ترى في جنبات الحمى ... لم يرى أهلوه له ثانيا
وطالما كانت على دجلة ... تبصر مني كاتبا ما حيا
ألبس من أنوارها حلة ... لا تعدم العاطل والحاليا
وقد أظل الصبح مستدفئاً ... من شدة البرد بها شاتيا
ولا تغيب الشمس حتى أرى ... عنها بديلا ولها قافيا
وربما مر سحاب بها ... فاتخذت منه لها واقيا
تبدو نجوم الليل من بعدها ... مبدية ما لم يكن باديا
أطمع أن تطرح في راحتي ... ولو بذلت الثمن الغاليا
وما لعينيَّ هلال بدا ... إلا وأعجبت به رائيا
أحسبه من فضة زورقا ... من الحبيبين جرى خاليا
والبدر يهدي الليل من نوره ... ما لم يعد ليلا به داجيا
لم ألفه للشمس إلا أخا ... كان وما زال لها تاليا