للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نقل الأديب]

للأستاذ محمد اسعاف النشاشيبي

٩٠٨ - فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا

منهاج السنة النبوية لابن تيمية: إن الله بعث رسوله (صلى الله عليه وسلم) بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تولى خليفة من الخلفاء كيزيد بعد الملك والمنصور وغيرهم فإما أن يقال: يجب منعه من الولاية وقتاله حتى يتولى غيره كما يفعله من يرى السيف فهذا رأي فاسد فإن مفسدته أعظم من مصلحته، وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكان الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة بالبصرة وأمثال هؤلاء. وغاية هؤلاء إمام أن يغلبوا وإما أن يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة، فإن عبد الله بن علي قتل كثيراً وقتله أبو جعفر المنصور.

وأما أهل الحرة وابن الأشعث فهزموا وهزم أصحابهم، فلا أقاموا دينا، ولا أبقوا دنيا، والله (تعالى) لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا. وإن كان فاعل ذلك من عباد الله المتقين ومن أهل الجنة فليسوا أفضل من علي وطلحة والزبير وعائشة وغيرهم، ومع ذلك لم يحمدوا ما فعلوه من القتال وهم أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم.

وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق، وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين والله يغفر لهم كلهم.

٩٠٩ - النداء من الله للعباد ومن العباد لله

الموافقات للشاطبي: إن القرآن أتى بالنداء من الله تعالى للعباد ومن العباد لله سبحانه، فحين أتى من قبل الله للعباد جاء بحرف النداء المقتضى للبعد ثابتا غير محذوف كقوله تعالى: (يا عبادي الذين آمنوا، إن أرضي واسعة) (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله) (قل: يا أيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعا) فإني أتى بالنداء من العباد إلى الله تعالى جاء من غير حرف نداء ثابت بناء على أن حرف النداء للتنبيه في الأصل، والله منزه عن التنبيه: (ربنا لا تؤاخذنا إن أخطأنا، وبنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته

<<  <  ج:
ص:  >  >>