للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فردريك نيتشه]

للأستاذ إبراهيم إبراهيم يوسف

عصره - مولده - تعليمه - شغفه بالأدب والموسيقى - أثر شوبنهاور وفاجنر في تفكيره - أول مؤلفاته - (إنساني وإنساني إلى أبعد حد) (زرادشت) - بقية أعماله - فن نيتشه وفلسفته - وفاته - مدرسته

بدأ التفكير الاجتماعي يظهر جلياً في آداب الأمة الألمانية في خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ويرجع سبب ذلك إلى تغلب النزعة الواقعية على غيرها من النزعات. وكان لهذه النزعة الجديدة أثرها الجليل، فقد بدأت تسير في سبيلها هادئة حتى تغلغلت في نفوس المتأدبين. وكان على رأس القائمين بهذه الحركة الجديدة فريدريك نيتشه الذي أخذ يميل شيئاً فشيئاً إلى الاعتقاد بأن جماعات الناس تهوى إلى أسفل. وقد أرجع أسباب ذلك إلى أن الأدباء لا يعنون إلا بالفرد في منتجاتهم الفنية، في حين أن حاجة الفرد ومتاعبه ومشاكله ليست بالذات حاجة العصر ومتاعبه ومشاكله، وإن حالة الأديب قد تناقض حالة الجماعات البشرية. وعندئذ مال معه بعض صحبه إلى تفكيره هذا، وبدأت الناس تحس بأن ما كتبه الأدباء عن ماجريات الأحوال وشئون الحياة، أو ما كتبوه عن المسائل الاجتماعية والشئون السياسية التي سار ويسير إليها العالم، ليست إلا بعض آراء من شتاتها. ومن ثم أدرك عامة الناس بأن لهم وجوداً، وأنه يجدر بهم أن يعبروا عن آرائهم بصراحة. فأنجبت هذه الحركة أدباء فنانين من طراز جديد، منهم المصلح الاجتماعي، ومنهم الثوري الأشتراكي، ومنهم طبقات الفوضويين. ولنحاول هنا أن نلم بتاريخ حياة فردريك نيتشه لنتعرف مكانه من بين هؤلاء.

ولد فريدريك نيتشه في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر سنة ١٨٤٤م، في قرية (ريكن) الواقعة بالقرب من (لتزن) وقد يبدو لمن يحدق في صورة نيتشه أو يسمع باسمه أنه يمت إلى أصل بولوني، ولكن الباحثين قد فرغوا من إثبات أصله الألماني. ويرجع التشكك في أسمه إلى أن الألمان الذين كانوا يستوطنون المناطق التي يتغلب فيها السلافيون لا يرون غضاضة في صبغ نهاية أسمائهم بالصبغة السلافية. وكذلك فعلت عائلة نيتشه. أما

<<  <  ج:
ص:  >  >>