قرأت باهتمام في هذه المجلة في أعدادها (٦٦٧ - ٦٦٩) المقالة التي عني فيها (أستاذ عظيم) بنقد كتاب البخلاء للجاحظ طبعة وزارة المعارف بمصر. وسبب اهتمامي أني حاولت قبلاً تصحيح الكتاب المذكور المطبوع في دمشق سنة ١٣٥٧ هـ باعتناء علماء من أبناء الشام، نشرت تصحيحي في مجلة المجمع العلمي العربي بعنوان:(تصحيح أغلاط كتاب البخلاء) في الجزء الأول والثاني المزدوج، وفي أربعة أجزاء مزدوجة أخرى تليه من المجلد العشرين مع تصحيح واستدراك في الجزء الأول والثاني المزدوج من المجلد الحادي والعشرين. فأردت أن أرى هل تنازل الأستاذ العظيم إلى مطالعة تصحيحي، وما الذي جاء في تصحيحي موافقاً لتصحيحه، وما الذي خالفه. وبعد المطالعة ظهر لي أن الأستاذ لم يعلم بوجود تصحيحي، ووجدته عظيماً حقاً في انتقاده وآرائه الصائبة، وعددت نفسي سعيداً لاتفاق التصحيحين في الغالب. ولست في صدد تعداد ما جاء موافقاً، وما جاء مبايناً أتركه لحكم من أراد الاطلاع والتتبع.
ولكن لا بد من ذكر بضع فقرات وردت في كلام الأستاذ العظيم تحتمل النظر فيها، فأقول:
جاء في الرسالة في عددها ٦٦٩ ص ٤٧٥ كلمتا (الفرد) و (الجوهري) وقال الأستاذ: إن الفرد أصلها (العرض) والجوهري أصلها (الجوهر). أما أنا فقد كنت صححت الفرد بال (قصرة) سقطت منها الصاد وحرفت وهي ما يبقى في المنخل بعد الانتخال. وصححت الجوهري بال (حواري) وهو لب الدقيق الأبيض الخالص. وتصحيحي هذا ينطبق على القصة دون الالتجاء إلى المجاز أو الاستعارة أو التشبيه.
وفي الصفحة عينها استنكر الأستاذ كلمة إنفاق، وأراد تصحيحها بأنفاط جمع نفط، ولكن الكلام كان على الزيت والسمن، أي على الأدهان المأكولة، والنفط ليس منها. أراد الجاحظ بالإنفاق زيت الإنفاق، وهو الزيت المعتصر من الزيتون الفج، ويسمى بالزيت الركابي أيضاً. جاء في التاج في مادة (فوق): الإنفاق وهو الغض من الزيت. وجاء فيه في مستدرك مادة (نفق): وزيت أنفاق: غض. وجاء في مادة (ركب): ويقال زيت ركابي لأنه يحمل من الشام على ظهور الإبل. أهـ. وقال ابن سينا في الجزء الأول من القانون في