(جاء في برقيات أمس أن موسوليني قد أسر، ولو كان موسوليني البطل النبيل الذي حارب حتى سقط، لنسينا عداوته وحيينا بطولته، وللبطولة حقها لا يجحده كريم، ولكن موسوليني دعى ظالم، وخصم لئيم، فلذلك وجهنا أليه هذا المقال)
يا من يفتش في الكتب عن العبر! يا من يبحث في خرائب التاريخ، تعالوا: فإن هاهنا عبرة ما في التاريخ أجل منها، وما في الكتب مثلها. تعالوا فشاهدوا واعجبوا واعتبروا. . .
هذا الذي تكبر وانتفخ حتى ما تسعه ثيابه، وما يحتويه جلده. . . هذا الذي تطاول وتعالى حتى ما يجد محلا يرتقى إليه. ولا علا فوق علوه. . . هذا الذي طغى وبغى حتى استلب فراش هيلاسلاسي من تحته، وطرده من بيته. . . هذا الذي تجبر وتتمرد حتى ألقى الشيخ المجاهد الصالح عمر المختار من الطيارة فتلقته الأرض، أرضه وأرض قومه، أشلاء ومزقاً. . . هذا الذي جن من الكبر، وحم حتى صار يهذي في حماه، ويثرثر في جنونه، يقول: أنا حامي الإسلام!
تعالوا انظروا إليه أسيراً ذليلاً، يقاد إلى الموت، بأيدي قومه، قد طار هواء الكبر من جوفه، فأنحني واستخذى وهبط من بعد علاه إلى الحضيض، ونزل من يفاعه إلى القاع، فمن كان يظن أن موسوليني سيكون أسيراً في بلاده يساق إلى المشنقة؟
ألا لا يأمنن بعد اليوم ظالم، ولو مد الله له ومنحه قوة وأعطاه مالا. ولا ييأسن مظلوم ولو ابتلاه الله فقدر عليه الضعف وكتب عليه الفقر. ولا يفتحن فمه ملحد فاجر، فإن لهذا الكون إلها منتقماً جباراً عادلاً، يمهل ولا يهمل، ويمد للظالم فيأخذه أخذ عزيز مقتدر.
يا موسوليني، يا حامي الإسلام هلم احم رأسك غداً من سيف الجلاد. احم اسمك من لعنات التاريخ. احم (عظمتك. . .) من سخرية الأجيال، وهزء القرون الآتيات، فإن للإسلام رباً يحميه، وإن للإسلام يا أيها ألدوتشي. . . ولا دوتشي اليوم! جنداً إن لم يكن لهم (الآن) مثل رصاص جندك الذي لا يقتل، ومدافعهم التي لا تؤذي، وأسطولهم الذي لا يحارب، فإن لهم قلوباً فيها إيمان وسواعد فيها عزم، ونفوساً لا تهاب الموت. ومن يجمع الإيمان والعزم وحب الموت لا يغلبه شيء. وسل إن كنت ناسياً. . . سل عنهم بطاح طرابلس، وبقاع