الريف، وجنات الغوطة، وجبل النار. سل جنود إيطاليا الذين كنت تخطب فيهم خطبك المسرحية. . . تظن أنك صرت بها قيصر ثانياً. . . لقد أجاب عليها شاعرنا حافظ إبراهيم، فقالها كلمة حق وصدق، كلمة قوة ونبل، فاسمعها إن لم تكن سمعتها:
قد ملأنا البر من أشلائهم ... فدعوهم يملئوا الدنيا كلاما
نعم لقد امتلأت الدنيا أمس يا دوتشي بالكلام عنك، والهتاف باسمك، باسم موسوليني الأسير الجاني. . . فهنيئاً لك هذه الشهرة وهذا المجد!
يا موسوليني، لقد قوض المسرح، ومزق الستار، وبدا المكنون للعيون، فإذا أنت وجندك كما قال الرافعي فيهم:
يا أمة النحت والتصوير ويحكم ... حتى جنودكم الأنصاب والصور
ولقد هدمت الأنصاب، ومزقت الصور. . . وثقبت هذه الكرة المنفوخة بإبرة، فعادت قطعة من جلد ميت. . .
يا من يفتش عن العبر، هذه عبرة فخذوها، وأذيعوها، واصرخوا بها في أذن كل ظالم، عله يسمع ويصيخ، ويتعظ ويعتبر، قبل أن يقضي الله فيه قضاء فيكون عبرة للمعتبرين.
قولوا لهم إن الظلم مرتعه وخيم، وإن دعوات المظلوم سهام مسمومة، إن الدهر دوار، والأيام دولاب، وربما عز غداً الذليل وذل العزيز، وجاءت ساعة الانتقام، وويل يومئذ للظالمين.
ويا أيها المظلومون، فرادى وجماعات، في كل قطر وتحت كل كوكب، اصبروا ولا تقنطوا من رحمة الله، ولا تيأسوا من روحه وكونوا معه، فإن الظالم مهما كبر، فالله أكبر، ومهما طالت يده وعلت، فإن يد الله فوق يده، ومهما ملك من أمر يومه، فإن غده وراء باب مغلق، ومفتاحه عند الله، وما يدري أحد بماذا يطلع عليه غده.
لقد قال هوجو شاعر فرنسا الأكبر لنابليون بطلها الأكبر الذي تجرأ لما ولد له (ملك روما) فقال المستقبل لي: (يا أيها الملك، إنك تستطيع أن تظفر في أوسترلتز، وأن تفتح فيينا، وأن تملك العالم، ولكنك لا تستطيع أن تقول المستقبل لي، لأن المستقبل يا أيها الملك، لله وحده!)
وأنت يا فاتح الحبشة، وغازي طرابلس، أخل الآن بنفسك وابك على خطيئتك، واستعد تلك