للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شكسبير العاشق]

للأستاذ يوسف روشا

كان جون شكسبير، والد الشاعر، فلاحا. ويقول بعض الرواة أنه كان جزاراً. وليس ببعيد أن يكون الرجل قد اتخذ هاتين الحرفتين في آن واحد، فقد كان جم النشاط سريع الانسجام لا يحجم عن المغامرة فيما يعرض له من الشئون، فتحسنت حاله بسرعة إذ نراه في سنة ١٥٥٦ - ولم يمض على وفادته على (ستراد فورد) سوى خمس سنوات - قد ابتاع دارين أنيقتين وانتخب نائبا عن هذه البلدة، ثم قام بعد هذا بقليل بأكبر صفقة في حياته وذلك بزواجه من (ماري أردن) ابنة المزارع الغني، فاستقامت حاله وارتفع في مدة وجيزة من مزارع بسيط إلى مصاف أعيان البلدة.

ولد وليم شكسبير في سنة ١٥٦٤ ولا يزال اليوم الذي ولد فيه موضوع أخذ ورد، فمنهم من يقول أنه ٢٢أبريل، ومنهم من يزعم أنه ٢٣أبريل، فليس في هذا ما يهم، إنما الذي يعنينا أنه ولد في ١٥٦٤ وكان الصبي الأول والطفل الثالث لجون وماري شكسبير.

لم يرسل جون ابنه وليم إلى المدرسة إلا عند بلوغه السابعة من عمره. وليس من شك في أن وليم، وما عرف عنه من توقد في الذهن ونفاذ في البصيرة، كان قد التهم بسهولة ويسر كل ما تلقاه في مدرسته، وليس هذا الذي تلقاه مما يغني، ذلك أنه لم يكن يتعدى النحو وشيئاً قليلا جدا من اليونانية واللاتينية اللتين لم يتقدم فيهما تقدما ملموساً، حتى أن (بن جونسن) وقد كان معاصراً للشاعر، قال عنه مرة إن معرفة شكسبير باللاتينية قليلة وًقل منها معرفته باليونانية.

على أن حالة الأب المالية أخذت في التدهور حتى اضطر آخر الأمر إلى إخراج كافة أبنائه من المدرسة.

لا نعرف شيئاً عما كان يفعله الشاعر من الثالثة عشرة إلى الثامنة عشرة من عمره، وأغلب الظن أنه كان يساعد أباه في مهنته كجزار، إلا أن سوء الحظ لازم جون شكسبير، فأخذ ينحدر رويداً رويداً إلى هاوية الإفلاس والفقر المدقع، فساءت أخلاق وليم وانضم إلى جماعة من الأشرار يسرقون الغزلان من حدائق الأغنياء.!

ولكن اقتحام الحدائق واختطاف الغزلان لا يعدان شيئا بجانب ما كان يقوم به وليم شكسبير

<<  <  ج:
ص:  >  >>