بعد هذا التمهيد ننزل إلى مناقشة الأستاذ متولي، وإن كنا في غنى عن ذلك.
يدعى الأستاذ، حفظه الله، أن بشر فارس في مقدمة مسرحيته (أراد أن يفسر الفنون الرمزية فطمسها). وحجته في ذلك كما يقول:(أن بشر فارس يحدثنا في مقدمته بالنزوع الصوفي ناسياً الفرق بين الرمزية الصوفية التي تفيض عن المخيلة والشعور، والرمزية الفنية التي تعتمد على المخيلة مضافاً إليها عنصر عقلي، كما يقول (ريبو) في كتابه (المخيلة الخلاقة) وهكذا يقرر متولي أن بشر يخلط بين ألوان الرمزية!
وقد رجعنا إلى هذا الكتاب وتتبعنا ما ذهب إليه متولي فوجدنا - ويا للعجب - أن كلام (ريبو) لا ينطبق على ما عناه متولي بالرمزية الفنية، بل هو كلام ينطبق على الرمزية الصوفية إذا اتجهت نحو ما وراء الطبيعة، والى القارئ نص (ريبو) كما ورد في كتابه المذكور المطبوع في باريس صفحة ١٩٦:
, ; ' , '
وترجمة هذا:(إن الرمزية الصوفية في اتجاهها إلى الدين تعتمد على عنصرين أساسيين، هما المخيلة والشعور، فإذا ما اتجهت إلى الفلسفة أو ما وراء الطبيعة، فإنها تعتمد على المخيلة مضافاً إليها عنصر عقلي واهن).
وعليه فالأستاذ متولي هو الذي يخلط خلطاً صريحاً بين (الرمزية الفنية) وبين (رمزية ما وراء الطبيعة)، على ما في كلام (ريبو) من الوضوح!
وقد تحدث (ريبو) عن هذه (الرمزية الفنية) في غير هذا المقام، وذلك عند معالجته الرمزية في الأدب، أو بعبارة أخرى، عند حديثه عن المخيلة الخاصة بطريقة الأدباء الرمزيين في أواخر القرن التاسع عشر، وهي مخيلة تقوم على قوة العاطفة والانفعال.
وثمة تعسف آخر: يقول الأستاذ متولي، مستنداً إلى (ريبو) أيضاً: (إن الرمز في الفن هو