عشر سنين أحمل الداء في هذه الزائدة التي أبقاها الله في الإنسان ليغض من كبره كلما تكبر، ويذل من عتوه حينما يعتو. . عشر سنين أحمل الداء وأتشبه بالقوم فأروح وأعدو لا يعلم أحد علام أقفل هذا الصندوق الآدمي، ويرونني فيرش المحب اللمح فوق رأسي خشبة الحسد، ويكتم الحقود الحقد في نفسه أو يبديه في ألفاظ مادحة وأنا أتلوى ساعات في اليوم لقد ظن الأهل أنني أبالغ ثم أقوم من تلك الأزمة اليومية لأشكر اللمح للصديق ولأتظاهر بالفرح للحسود.
عشر سنين ودعائي إلى الله كلما أقبل اليوم أن يخف فيه العذاب، ثم أفكر فيما أنا فيه فلا أجد لي غير الأطباء مخرجاً أزال بهم أو ما يزالون هم بي حتى أصبح صديقهم جميعاً وحتى أصبحت أفهم في مرضى أكثر مما يفهم بعضهم. لقد كنت مجتمع آرائهم وحقل ثقافتهم فمن حق هذا المكان الآدمي أن يفهم وأن يفهم كل ما يقولونه وقد فهمته فشقيت به وأسلمت أمري معهم إلى الله.
عشر سنين لا يضيع طبيب يده على مكان العلة بل هو دائماً في المكان الخاطئ وعلى الرأي اليأس وأنا أسلم أمري إلى الله وأشكر نعمته التي وهب فما أقل ما كنت فيه إذا نظرت إلى غيري، وما أهون ما لاقيته من شر إذا ذكرت ما يسكبه على سبحانه من خير.
عشر سنوات ثم يشاء الرب الكريم أن ينم النعمة ويكشف عن الطب الغشاوة عن تلك الزائدة التي أمر الله أن تظل في الإنسان بقية من حيوانيته. . ويشاء الله أن ينكشف الغشاء وأنا في أوج الخير الذي يسكبه على فأغض من كبر كاد أن يركبني وأذكر أنني ما زلت هذا الحيوان صاحب تلك الزائدة التي تألم لتذكر!.
سبحانك رب هل أنا أهل لكل هذا الخير الذي تحيطني به. . . تسكب على النعم حتى لتتلاني الخشية ويكاد المبر أن يدخلني، وحينئذ على النعم حتى لتتولاني الخشية الرحيمة أن تكشف عني علتي فيزول بها مرض الجسم ومرض النفس. . . سبحانك رب. . . وهل يملك هذا المخلوق الحقير إلا أن يسبح باسمك ويسبح، ثم يريد الغنى أن يشكر فإذا أنت سبحانك تسكب عليه الخير مرة أخرى فتهبي له رب! وهل الطيب إلا برك يسعى على