للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من الأدب الروسي الحديث:

بعد المعركة

للكاتب الروسي الكسي تولستوي

بقلم الأديب فريد وجدي الطبري

كان صديقي إيجور دريموف شخصا متزنا يسود عليه الجد. أحب والدته ماريابوليكا ديوفنا ربوفنا ووالده إيجور إيجونوفتش فكان يقول، (أبي رجل يحترم نفسه، وكثيرا ما علمني أن أفتخر بروسيتي) وخطب فتاة في تلك المدينة الصغيرة. وكثيرا ما يتحدث الجنود في الميدان، وبين فترات القتال عن الزوجات والحبيبات، يتحدثون في الملاجئ، وهم في مأمن من البرد القارس، ومعدهم ملأى، ونور الشمع يوحي بالحديث. فتسمع كل ناحية من ذلك الموضوع، مثلا (أساس الحب الاحترام والحب مجرد عادة، فالإنسان يوزع حبه بين زوجته ووالديه وحيواناته) ويقول آخر (يبدأ الحب عندما يفور دمك، وشعور المحب كشعور المخمور والجذل المرح) ويستمر الحديث ساعات، ولا ينتهي إلا بكلمة أوامر من أحد الضباط.

أما إيجورد ريموف فلم يشترك كثيرا في مثل هذه الأحاديث وإذا أشار إلى خطيبته كان ذلك بأسلوب غير مباشر، فتراه يقول مثلا (فتاة طيبة تنتظر صديقها حتى ولو جاء على رجل واحدة)

ولا ينقاد إلى التحدث عن مغامراته الحربية. وعندما يمتدحه أحد أصدقائه يقول (الأفضل أن لا تتحدث عن هذه الأشياء) وكل ما عرفناه عنه كان من أحاديث زملائه؛ كنا نتوسل إلى سائقه تشفيلوف ليقص علينا أخباره، فيصف لنا مثلا كيف كان ينقض على العدو في المصفحة مطلقا عليه ألسنة اللهيب، فلا يكاد يصل إليه حتى يصرعه. وكم من معركة خاض غمارها وعاد سالما بعد أن يكون فقد عددا من رفاقه وقد أبلى بلاء حسنا دائما وقصص شجاعته عديدة.

وعلى هذه الحال حارب الملازم إيجور دريموف إلى أن أقعده الحظ. كان ذلك في معركة

<<  <  ج:
ص:  >  >>