في ظل الدخان المتصاعد من السيجارة كم من أفكار قد سبحت وأعصاب قد هدأت وأحلام قد صورت وأماني قد بعثت: هذه الدخينة وما حوت كانت في مبدأ الأمر ورقة من نبات اسمه نيكوتيانه وسمي بذلك نسبة لاسم السفير الفرنسي في أسبانيا جان نيكوت الذي أدخل التبغ إلى فرنسا لأول مرة كهدية للملكة كاترين دي مديشي، والتبغ يتبع من وجهة التقسيم النباتي العائلة الباذنجانية التي تحوي نباتات أخرى ذات أهمية مثل الطماطم والبطاطس والداتورة والسكران، وللأخيرين أهمية طبية في علاج الأمراض الصدرية التشنجية. وبهذه المناسبة نذكر أن السكران المصري أجود أنواعه في العالم، ولذلك يصدر إلى أوربا، كما أن نبات البلادونا الذي يستخرج منه الأتروبين المستعمل طبياً لتوسيع حدقة العيون من أقارب التبغ إذ يتبع نفس العائلة المذكورة
وقد كانت الأرض الأولى التي نبت عليها التبغ واستعمل في التدخين هي أمريكا إذ وجدت غلايين في قبور أمريكية ترجع إلى ما قبل التاريخ، ومن أمريكا نقله إلى أسبانيا فرنسسكو فرناند مبعوث فيليب الثاني لدراسة حاصلات المكسيك عام ١٥٥٨.
وكلمة التبغ يرادفها بالأجنبية والأصل الذي أخذت عنه هذه الكلمة غير معروف تماماً؛ فقد تكون قد أخذت عن اسم جزيرة توباجو إحدى جزر الهند الغربية، أو عن توباسكو في خليج المكسيك، أو عن اسم أداة وجد الأسبان أن الأمريكيين يستعملونها في التدخين، وهي عبارة عن أنبوبة تنتهي إلى فرعين تشبه حرف اسمها وكانوا يضعون الفرعين على فتحتي الأنف ويستنشقون منهما الدخان، وهذا هو المصدر المرجح. ومما يؤسف له أن تكون مصر من اكثر الدول استعمالاً للدخان؛ فلقد جاء في إحدى الإحصائيات أن متوسط نصيب الفرد في الدولة من الدخان بالأرطال كما يأتي: