(. . . وبالحرى إن أدلت الأيام، وثابت الأحلام، أن تحدث لنا أموراً لها أعلام. قال كسرى: وما تلك الأعلام؟ قال: مجتمع الأحياء من ربيعة ومضر على أمر يذكر؟ قال كسرى: وما الأمر الذي يذكر؟ قال: ما لي علم بأكثر مما خبرني به مخبر
قال كسرى: متى تكاهنت يا ابن الطفيل؟
قال: ليس بكاهن، ولكني بالرمح طاعن. . .)
في هذا القول شيء من علم الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، وأقوال علماء ومؤرخين كبار مشهورين من المتقدمين في الكهانة والمتكهنين إنما هي تخاليط. روى أبو العباس في (كامله):
لا يعلم المرء ليلاً ما يصبّحه ... إلا كواذب مما يخبر الفال
لوى اللهُ علم اللهِ عمن سوَءاهُ ... ويعلم منه ما مضى وتأخرا
وقال شاعر صادق:
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وأخبار مخبرين وأحاديث محدثين عن أناس كانوا يعلمون الغيب من الجاهلية أو من الصحابة والتابعين وغيرهم هي أباطيل وأضاليل (فقل: إنما الغيب لله). وإذا كان رسول الله سيد هذا الوجود ومعناه - وهو رسول الله وهو النبي محمد - لا يعلم الغيب فلن يعلم الغيب أحد. وفي المقالة (شق وسطيح) في الرسالة (٢٤٩ ص ٦٠٥ س ٦) أوضحت الغيب الذي أطلع الله نبيه عليه، وذكرت آيات من كتاب الله بينات تنادي أن سيد البشر والأنبياء والمرسلين وصفوة النوع الإنساني لا يعلم غيباً. وذكرت هناك حديث (أم المؤمنين) - رضوان الله عليها - في مسند الربيع بن حبيب، وهو من أقدم كتب الأثر التي وصلت إلينا كما ذكرت قول الإمام علي القاري في الآية الكريمة: (وممن حولكم من