للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الطبيعة توحي والشاعر ينطق]

للأستاذ محمد عبد الغني حسن

- ٢ -

لم أذكر في مقالي الأول شعراء الطبيعة في الشرق والمغرب على سبيل الحصر، بل ذكرتهم على سبيل المثال. وما كنت في معرض بأذن لي بأن أتتبع شعراء الطبيعة واحداً واحداً في العالم كله، وأحصرهم جميعاً في مقال واحد في مجلة أسبوعية تضيق صفحاتها عن الحصر في موضوع يعجز الكاتب أن يستوفي جميع أطرافه. فذلك عمل أولى أن يكون موضوعاً لكتاب يكتب ويحفظ على سبيل الرجوع إليه، لا مقالاُ في مجلة نختلف أفانين الكلام فيها باختلاف الكتاب ونوع اختيارهم لما يكتبون

ولم أشأ أن أجعل لمقالي الأول لحقاً يلحق به، أو حلقة ثانية، ولكن الأديب الفاضل الأستاذ حسين الغنام استدرك على مقالي بعض أشياء رأى أن يذكرها لي في كتاب خاص. فرأيت ألا أحرم قراء الرسالة الاشتراك في موضوع لم يعد لي وحدي؛ ولكنه أصبح موضوع كل قارئ. ومن حق القارئ على الكاتب ألا يغفل رأيه أو يهمل استدراكه. وخاصة إذا كان المستدرك أديباً في نفسه وأديباً في درسه. فاستدراك أديبنا اليوم فيه كثير من الاطلاع على الأدب الغربي، وفيه كثير من الأدب في الاستدراك؛ وذلك شيء يشجع الكاتب على المضي في عمله، ويغريه بالاستمرار في البحث

يأخذ على المستدرك الفاضل أنني ذكرت ناساً وتركت ناساً أشهر منهم من شعراء الطبيعة جميعهم لا استثني منهم أحداً؛ ولكني قصدت المشهورين ممن أكثروا في وصف الطبيعة وكانت إلهاماً لهم ووحياً لشعرهم. ولو كنت في مقام يقتضي العد والحصر لذكرت مثلاً توماس ناش ١٥٦٧ - ١٦٠١م الذي عاش قرابة ثلث قرن وعاصر جرين ومارلو، ومات بعد حياة كانت أملأ بالكفاح والنضال منها بالدعة والمرح. ولهذا الشاعر غرام عجيب بالطبيعة. وكان من حقه أن أنظمه في سلك شعراء مقالي الأول؛ إلا أن شهرته الأدبية لا تعدل شهرة من ذكرت وله أبيات في البيع عنوانها يقول منها:

المروج معطرة الأنفاس

والأقاحي تقبل أقدامنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>