للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فصول في التصوف الإسلامي وفتوحات ابن العربي]

التصوف والصوفية في الإسلام

للأستاذ خليل هنداوي

وإن كانت (الأبيقورية) ذهبت مذهباً متطرفاً في المادة فأن

الصوفية أيضاً قد نحت نفس هذا المذهب في شططها وغلوها

في الروح والنفس وجوهر الله.

يقول الأستاذ (فريد وجدي) في دائرة المعارف: إن التصوف هو مذهب كان الغرض منه تصفية القلب عن غير الله والصعود بالروح إلى عالم التقديس بإخلاص العبودية للخالق والتجرد عما سواه. وهذا قديم كقدم النزعة التي أوجدته، فان الإنسان منذ ألوف من السنين أدرك أن خلف هذه الغلف الجسدانية سراً مكنوناً، فنشأ هذا المذهب في كل أمة راقية، ولبس شكلاً مناسباً لعقولها وأفكارها، وهو معروف في الهند والصين ألوف من السنين، وله عند الهنديين أساليب شديدة على النفس، ولكنه لما وجد تحت ظل الإسلام وأحيط بأدب القرآن دخل في دور جديد). وقد اختلف العلماء والمتصوفون أنفسهم في حقيقة تاريخ مذهب التصوف والى أين يذهب عهده، على أن عهده يرجع إلى قديم الزمن وان لم يكن معروفا قبل بهذا الاسم، وقد اختلق العرب اشتقاقا لهذه الكلمة واختلفوا في وضعها، فمنهم من ذهب مذهب القائل: (إن أول من انفرد في الإسلام بخدمة الله عند المسجد الحرام رجل يقال له (صوفة) واسمه الغوث بن مر فانتسبوا إليه لمشابهتهم إياه في الانقطاع إلى الله، فسموا بالصوفية) وقال الزبير: قال أبو عبيدة: (وصوفة وصوفان يقال لكل من ولي من البيت شيئاً من غير أهله، أو قام بشيء من أمر المناسك). وقد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة في الانقطاع إلى الله وملازمة الفقر، وهم المعروفون في الإسلام بأهل الصفة. والتصوف عندهم يقصد به رياضة النفس ومجاهدة الطبع برده عن الأخلاق الرذيلة وحمله على الأخلاق الفضيلة من الزهد والحلم والصبر والإخلاص. ومنهم من نسب الصوفية إلى لباس الصوف. فقيل في أحدهم صوفي، وليس طريقهم مقيدا بلباس الصوف، ولاهم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به ولكن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>