اللذان شيدهما نصير الدين الطوسي في بداية العصر المغولي
(صور لدنيا العرب والإسلام في ذلك العهد الرهيب)
للأستاذ ضياء الدخيلي
يقول الأستاذ قدري حافظ طوقان في كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) الذي نشرته مجلة (المقتطف): إن نصير الدين الطوسي أحد الأفذاذ القليلين الذين ظهروا في القرن السادس للهجرة، وأحد حكماء الإسلام المشار إليهم بالبنان وهو من الذين اشتهروا بلقب (علامة). ولد في بلدة طوس سنة ٥٩٧هـ الموافقة ١٢٠١م ودرس العلم علي كمال الدين بن يونس الموصلي وعين المعين سالم بن بدران المعتزلي الرافضي، وكان ينتقل بين قهستان وبغداد وتوفي سنة ٦٨٢هـ ببغداد حيث دفن في مشهد الكاظم.
ويقال إن الطوسي نظم قصيدة مدح فيها الخليفة العباسي، وإن أحد الوزراء رأى فيها ما ينافي مصلحته الخاصة فأرسل إلى حاكم فهستان بخبره بضرورة مراقبته - وهكذا كان - فإنه لم يمضي زمن إلا والطوسي في قلعة الموت، حيث بقى فيها إلى مجيء هولاكو في منتصف القرن السابع للهجرة. وفي هذه القلعة أنجز أكثر تأليفه في العلوم الرياضية التي خلدته وجعلته علما بين العلماء. (وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند هولاكو وكان يطيعه فيما يشير به عليه والأموال في تصريفه. . .) وقد عهد إليه هولاكو مراقبة أوقات جميعالممالك التي استولى عليها.
عرف الطوسي كيف يستغل الفرص فقد انفق معظم الأموال التي كانت تحت تصرفه في شراء الكتب النادرة وبناء مرصد مراغة الذي بدئ في تأسيسه سنة ٦٥٧هـ. وقد اشتهر هذا المرصد بآلاته وبمقدرة راصديه. أما آلاته فمنها (ذات الحلق وهي خمس دوائر متخذة من نحاس: الأولى دائرة نصف النهار وهي مركوزة على الأرض، ودائرة معدل النهار، ودائرة منطقة البروج، ودائرة العرض، ودائرة الميل. والدائرة الشمسية التي يعرف بها سمت الكواكب) وأما عن راصديه فقد قال الطوسي: (. . . أني جمعت لبناء المرصد جماعة من الحكماء منهم المؤيد العرضي من دمشق والفخر المراغي كان بالموصل والفخر