الأستاذ أنور شاءول كاتب عراقي وشاعر غزلي رقيق يمارس المحاماة ويزاول الصحافة ويصدر مجلة (الحاصد) وهي أرقى المجلات الأسبوعية في بغداد. وهو ثاني إثنين أقاما القصة العراقية على قواعد من الفن الصحيح وله فيها كتاب الحصاد الأول. (الرسالة)
فرغت من قراءة المقال وفي هذه المرة لم ترم المجلة بعنف ويأس شأنها كل يوم إنما وضعتها بلطف قرب وسادتها ثم مدت يدها تضغط على زر المصباح فساد الظلام.
وفي حلكة الغرفة كانت عيناها مفتوحتين يلتمع فيهما بريق غريب. لم تستلم للنوم لأنها كانت تشعر بحاجة ملحة إلى الإنتباه والتفكير. عجباً أيمكن أن يكون شقاؤها الملازم قد أشرف على النهاية فتشرق شمس الغد ضاحكة وتقبل السعادة المفقودة لترتمي بين أحضانها؟
إنه مقال (في الحياة والحب والجمال) لا مثيل له فيما قرأته قبل يوم من تلك الفصول المطولة. أنه قطعة من وجد، فلذة من قلب بل هو حياة مثلى مصغرة لما حنت إليها بعد نكبتها قبل سنتين. ولكن هذا المقال لم يثر من اهتمامها قدر ما أثار منه كاتب المقال، ذلك اللوذعي القدير المتفنن ذو القلم الساحر الذي استطاع ما لم يستطعه قبله من أهاجة الجمرات الكامنة من أعماق صدرها.
فمن هو هذا الكاتب؟
المقال مذيل بإمضاء ولكن الإمضاء لا يشير إلى شخصية حقيقية إنما هو من تلك الإمضاءات المستعارة المبتكرة. (سمير النجوم). ومن هو هذا سمير النجوم؟ وضغطت على زر المصباح فتفجرت الأنوار تغمر الظلمة وكانت المجلة في يدها فجلست متكئة على وسادتها وراحت تطالع المقال ثانية. وهي في كل فقرة من فقراته تستمهل النظر فتطلق لأفكارها الجامحة العنان. لم تعرف (م) كم مرة أعادت تلاوة ذلك المقال في تلك الليلة. ولم يكن ليهمها أن تعرف ذلك. وعندما دقت الساعة إثنين بعد منتصف الليل تذكرت أنها آوت إلى فراشها في منتصف الساعة الثامنة.