وكان العيارون واللصوص وقطاع الطريق يودعون السجن وقد سجن المأمون نفراً منهم كبيراً. وقتل آخرين، وذكر ابن المعتز أن اسحق بن خلف، وكان أحد الشطار الذين يحملون السكاكين قتل غلاماً فحبس بذلك؛ فما فارق الحبس حتى مات.
وذكر ابن الجوزي أن المعتمد حبس ثلاثة من الجند لأنهم سرقوا. وأنه وجدت في خلافة المطيع امرأة قد سرقت صبياً، فشوته في تنور وهو حي، وأكلت بعضه، وأقرت بذلك، وذكرت أن شدة الجوع حملتها على ذلك. فحبست مدة، ثم ضربت عنقها.
وكان الأطباء الذين يغلطون فيودون بحياة الناس. فقد حبس الطبيب النصراني خصيب لأنه سقى محمد بن أبي العباس السفاح شربة دواء فمرض منها ومات وبقى في حبسه حتى مات.
(ط) الشعر، الضحك، الغناء
وقد يسجن الإنسان لأسباب حقيرة لا شأن لها، فتحدثنا كتب الأدب أن أبا العتاهية سجن مرة لأنه قال:
ألا إن ظبياً للخليفة صادني ... ومالي عن ظبي الخليفة من عذر
وسجن مرة ثانية لأن الرشيد أمره أن يتغزل وهو معه في الرقة، فأبى وكان معه إبراهيم الموصلي؛ وكان قد أمره أن يغني، وقد مات الهادي فأبى أيضاً، فحبسه وقال: لا يخرجان حتى يغنني هذا ويشعر ذاك.
ويذكر الشابشتي صاحب كتاب الديارات خبراً يدعو إلى العجب والإعجاب في آن معاً، قال: خرج إسحاق بن إبراهيم من عند المأمون، حتى إذا صار إلى الدهليز الثاني وقف، ووقف القواد والناس لوقوفه. ثم قال: أين خليفة علي بن صالح؟ وكان على ذلك الوقت