للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مأساة من سوفوكليس]

أنتيجونى

للأستاذ دريني خشبة

سوفوكليس: ولد سوفوكليس سنة ٤٩٦ق. م، ومات سنة ٤٠٦ أي أنه عاش عمرا طويلا مباركا قضى منه أكثر من ٦٥ سنة في إنتاج أدبي متصل. ولم يصلنا من مآسيه التي أربت على المائة غير سبع فقط إحداها مأساة اليوم (أنتيجونى)، التي تعتبر أطرف تحفة في الأدب الكلاسيكي المسرحي. وسوفوكليس هو تلميذ إسخيلوس، وقد ظل يقلده ويمشي على دربه أكثر من عشرين عاما ثم استقل بعدها بخطته وطرائقه في الأدب، ولكنه عاد فقلد منافسه الأكبر بوريبيدز. ولم يحدث سوفوكليس ثورة ما في روح الرواية المسرحية ولكنه ثار بالمسرح نفسه من الوجهة الشكلية (التكنيكية) فأكثر من الممثلين وعدد من المناظر وقلل من أهمية الخورس، وقد ساعدته ثروته وعيشته الراغدة على تغذية المسرح برواياته الهادئة التي كان يخدم بها الفن من حيث هو فن خالص، ولا يبتغي بها ثورة على التقاليد أو إحداث تغيير في نظم الحياة. وكان مؤدبا مع الآلهة، فلم يصنع ما صنعه إسخيلوس مع ربات الذعر حين سفه منطقهن في محاكمة أورست مثلا. وسوفوكليس هو أستاذ شاكسبير من حيث تركيز البطولة في أكثر مآسيه في المرأة وسترى ذلك فيما نلخصه لك من المآسي. ولم يتقيد سوفوكليس بالدرامة الثلاثية مثل أستاذه، ولكنه فضل المأساة المستقلة الواحدة وإن كان قد كتب ثلاث مآس في موضوع واحد متصل، فانه كان يجعل كلا من أجزاء هذا الموضوع فصلا مستقلا بنفسه كل الاستقلال عن الفصلين الآخرين، وقد تعلم سوفوكليس الموسيقى في صغره وحذقها وترأس فرقة موسيقية في الاحتفال بذكرى (سلاميس) وكان على قسط كبير من الجمال في صباه، وكانت أدوار النساء في بعض الدرامات - ومنها دراماته - توكل إليه لتأديتها لهذا السبب. ولم يشترك في حروب وطنه (أثينا) لاعتباره من كبار الأعيان ولأنه كان صاحب مصانع الأسلحة التي تزود الجيوش بكل ما تحتاج من عتاد. وقد تورط بسبب حياة الترف التي كان يحياها في غرام آثم كلفه كثيرا من ماله، فاضطر ابنه إلى مقاضاته وطلب من المحلفين الحجر عليه، ولكن سوفوكليس عرف كيف يدافع عن نفسه حتى برئت ساحته، ثم استقام بعد ذلك. وقد فاز

<<  <  ج:
ص:  >  >>