كان أرنولد محافظاً معتدلاً، ورغما عن أنه لم يرشح يوماً ما لعضوية البرلمان إلا أنه كان شديد الميل للسياسة. وقد ظهرت هذه الرغبة جلية في السنين الأخيرة من حياته؛ فلما نزع يده من الأمور الدينية اشتغل يبحث المسائل والمشاكل السياسية بحثاً استنفد قسماً كبيراً من اهتمامه ووقته. وكانت له من تجاربه في وظيفته الحكومية حنكة سياسية يندر أن توجد في أمثاله. ناهيك عن قدرته على استطلاع خفايا المشاكل العويصة وطريقة حلها بأسلوب منطقي محكم لاسيما وقد امتزج بسائر طبقات الشعب فعرف عنهم جميع صفاتهم وأخلاقهم.
ولكن أولى مهامه السياسية باءت بالفشل الذريع، فقد عارض بكل قواه قانون الدفن. ولكن جهوده السياسية كانت خائبة فطبق هذا القانون مدة طويلة من الزمن، وكان يرهب نتائج الحكم اللامركزي ويعارضه بكل قواه، فجاهد في سبيل القضاء عليه جهود الجبابرة، ولكنه لسوء حظه فشل للمرة الثانية وباء بالخسران. ولتبرير سقوطه كتب قائلاً:(لست أدعي السياسة، ولكني شخص عادي أبصر بهذه الحالة التي تسود البلاد. ولم يعتمد على أنصار وأحزاب منظمة؛ بل جاهد بمفرده ليسعى في إنالة بلاده قسطاً أوفر من المدنية).
وفي مقدمة مقالاته الأيرلندية نراه يكتب: (إن دهاة القوم وكبار الساسة ليعارضون فضول رجل أديب مثلي. ولكنهم في الحقيقة لم يعارضوه إلا عند مخالفته لآرائهم السياسية. وفي الجدال السياسي الذي حدث سنة ١٨٨٦، نرى كلا الطرفين من أنصار الوحدة والحكم الذاتي في أيرلندة يعتزون بانتساب عدد من الأدباء والكتاب لحزبهم.
وكل محاولة لتبيان آرائه السياسية تعد ناقصة إذا لم تتناول عقيدته في الحكم الذاتي لأيرلندة. فقد عارض بقوة قانون الحكم الذاتي الذي صدر سنة ١٨٨٦، وكتب إلى جريدة التايمس مقالاً يحتج فيه على السياسة الخرقاء التي يرتكبونها بسن مثل هذا القانون. وفي هذا الاحتجاج نراه يعدد المساوئ التي يرتكبها القوم في أيرلندة وطالب بإزالتها والقضاء