للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

حيرة الجيل الجديد في الأزهر

أمامي الآن كومة من رسائل الطلبة في كليات الأزهر ومعاهده، أمطرني بها البريد في هذين الأسبوعين منذ أثرت موضوع المؤلفات القديمة التي يعتمد عليها الأزهر في دراسة العلوم الدينية واللغوية. وقد عشت ساعات مع أصحابها في آلامهم ومشاعرهم وليست حالهم التي يصفون غريبة عني، فقد كنت قريباً منها ومررت بها وبلوتها، وأحمد الله على أن ضقت بها وطلبت منها الفكاك، وكان لي ما أردت، ولكن هذا الموضوع الذي أثرته في (الرسالة) وهذه الرسائل الكثيرة التي يتحدث إلي فيها هؤلاء الشباب حديث الصراحة والصدق والألم جعلتني أندمج في هذه المشاعر وأحس كأني معهم فيما يعانون.

هذا (جمعة الباكي) بعد (ضياء الحائر) وكلاهما في كلية الشريعة، يبكي جمعة مما يحير ضياء. يبكي مما يلقاه في كتاب (الهداية) من أبواب العتق والتدبير ولا ستيلاد، ولا عتق ولا تدبير ولا استيلاد في هذا العصر، ويبكي من (التلويح على التوضيح على التنقيح) الذي تعاقب فيه ثلاثة، وصح ثانيهم ما نقح الأول، ولوح الثالث على توضيح الثاني، وقد نشط هؤلاء في التقيح والتوضيح والتلويح من نحو سبعة قرون، لنعيش نحن الآن عالة على ما صنعوا بلا تنقيح أو توضيح أو حتى تلويح. . .

وهذا (أحد ضحايا الكاكي بمعهد فاروق) يبدأ رسالته بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. . لأنه يشعر أن الشك بدأ بداخله بعد أن قرأ كتاب (الجوهرة) في علم التوحيد! وقد كان من قبله قوي الأيمان، فأصبح لا يكتب رسالة إلا صدرها بالإقرار بالشهادتين ليطمئن نفسه بأنه ما زال مؤمنا. . وهو يشكو من (الكاكي) وأقواله في المجاز العقلي من الشكوى.

وكثير من الطلبة ينقلون إلي نتفا من تلك الكتب، يستدلون بها على ما فيها من تعقيد وعقم وبعد عن الحقائق العلمية المسلم بها في عصرنا وعما يجري في واقع حياتنا. يقول (ع. م. ج بمعهد طنطا الثانوي): إن في الأزهر كتبا يقول فيها أصحابها إن الأرض يحملها حوت اسمه بهموت! ويقول بعضهم في (تفسير النسق) إن (ن) في قوله تعالى (ن والقلم وما

<<  <  ج:
ص:  >  >>