للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة المكروب كيف كشف رجاله]

ترجمة الدكتور أحمد زكي

مدير مصلحة الكيمياء

وسطاء شر أبرياء

وصل الفائت:

بدأ اسميث ببحث علة الحمى التكساسية التي تنتقل من أبقار الولايات الجنوبية في الولايات المتحدة إلى أبقار الولايات الشمالية فيها. فجهز حقلين: ووضع في الحقل الأول بقرات شمالية مع بقرات جنوبية ولم ينتزع من هذه الأخيرة القراد الذي عليها، ووضع في الحقل الثاني مثل ذلك بعد أن نظف البقرات الجنوبية من قرادها، وتركها جميعاً، فأصابت الحمى البقرات الشمالية في الحقل الأول، ولم تصبها في الحقل الثاني.

وزادت الحمى في الحقل الأول اتقاداً، ثم أخذت بقراته تموت واحدة بعد أخرى. وشقَّت بطون الجثث للفحص فجرى دمها أحمر صبيباً. واختلفوا بين حقول الريف ومكرسكوبات المعمل بالمدينة في امتحان الدماء. وانتقلت عدوى العمل إلى اسكندر الكسول لمّا أحس بأن في الجو أمراً جللاً، فنفض غبار كسله المأثور وأخذ نصيبه من الحركة. ونظر إسميث إلى دم البقر الخفيف وأخذ يتأمله، ثم قال: (إن المكروب الخفي لهذه الحمى التكساسية إنما يهجم على كريّات الدم الحمراء فيفقؤها. ففي بطون هذه كريّات يجب أن أبحث عن المكروب)

كان لا يثق بالتقارير التي يكتبها المكرسكوبيون المختصون، أو الذين يدعون بالمختصين، ومع ذلك فقد كان له بالمكرسكوب خبرة لا تبارى. وحرّر أقوى مكرسكوب لديه على دم البقرة التي ماتت أولاً، فأخذ الحظُّ بعينه، فارتأى لأول وهلة في الكريّة الدموية الحمراء، وهي في المعروف متصلة الجوف صماء، رأى فراغات صغيرة تعنقدت معاً فاتخذ مجموعها شكل الكمثرى؛ وتراءت له في أول الأمر كأنها ثقوب في قرص الكرة الدموية ليس إلا، ولكنه أخذ يبعد عدسة المجهر ويقرّبها فأحكم بوْأرتها، وأخذ يكثّر عدد العينات التي يمتحنها، فأخذت هذه الفراغات والثقوب تنبض في بصره بالحياة فتتمثل له على حقيقتها أحياء لها شكل الكمثرى. ورآها في دم كل بقرة ماتت بالحمى التكساسية، ورآها

<<  <  ج:
ص:  >  >>