(ملاحظة - الكلام ليس شخصياً وأن كان بلسان المتكلم، وذات
الثوب المذكورة هنا لاوجود لها في الخيال)
لم يكن الأرجواني ثوبها الوحيد - وكيف يمكن أن يكون؟ - ولا كان كل ما تلبس حين تبرز، ولكنه كان أحلى ما تكتسي وأشبهه بخديها - في رأى العين، وفي إحساس القلب أيضا ً - وقد رأيتها في ثياب شتى وأردية متنوعة - في الشفوف والأفواف، وفي السبائب المضلعة، والمطارف المربعة، وفيما عليه من الخطوط كأفاويق السهم، ومن النقوش كهيئة الطير، ومن الصور كرسم العيون، وفي الأبيض والأخضر والأزرق، ولكنه لم يقع من نفس شيء من هذا كله كموقع هذا الثوب الأرجواني الذي لا نقش فيه ولا صور ولا ترابيع ولا تداوير ولا تضاليع ولا خطوط ولا وشي ولا نمنمة. ومن العسير أن يعلل المرء هذا الشعور بوقع ثوب معين؛ وأحسب أني لو قلت ما يجول في خاطري ساعة أراها بادية فيه - أو مجلوة على الأصح - لظنني القارئ عربيداً مستهتكا، وما أنا من هذا في قليل ولا كثير. وليصدق القارئ أو لا يصدق، فما يعنيني ماذا يظن بي. وقديماً قلت - أيام كنت أقول الشعر:
قد أفعل الشيء لا أبغي به أملا ... ولا أبالي الورى ماذا يقولونا
ومازلت كما كنت يوم قلت هذا، بل لعلي أسرفت في قلة المبالاة، حتى صرت إلى الاستخفاف المطلق.
ولأرجع إلى ذات الثوب الأرجواني، فأنها أحق بالكلام وأولى به مني، وكم قلت لنفسي وأنا أراعيها: (بأي شيء يا ترى يمكن أن تتوسل إلى مثلها؟. . . لا أنت جميل ولا محتمل. . . ولا لك مال. . . ولا في رأسك هذا عقل. . . أو ليس لو كنت تعقل أما كنت حرياً بالانصراف عن هذا العبث؟. . . ماذا ترجو منها؟. . . إنها دونك سناً، وأنت دونها في كل