للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نقل الأديب]

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

٩٢٧ - حشو اللوزينج

ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي:

حشو اللوزينج يضرب مثلا للشيء يكون حشوه أجود من قشره وأفضل، وذلك أن حشو اللوزينج خير منه فيشبه به الحشو في الكلام يستغني عنه وهو أحسن منه. ومن أشهر ذلك قول عوف بن محلم:

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

فقوله (بلغتها) حشو مستغنى عنه، ومعنى الكلام يتم بدونه ولكنه أحسن من جملته. . . قال أبو سعد رجاء: دخلت يوماً على أبي الفضل بن العميد فقال لي: امض إلى أبي الحسين بن سعد فقل له: هل تعرف أن لقول عوف (إن الثمانين وبلغتها) ثانياً في كون الحشو أحسن من المحشو. فسرت إليه وبلغته الرسالة فقال: سألني عنه محمد بن علي بن الفرات فسألت عنه أبا عمرو غلام ثعلب فقال: سألت عنه ثعلباً فلم يأت بشيء، ثم بلغني أن عبيد الله ابن عبد الله سأل المبرد فأنشده قول عدي بن زيد لابنه زيد بن عدي في حبس النعمان:

فلو كنت الأسير ولا تكنه ... إذن علمت معد ما أقول

قوله (ولا تكنه) حشو مستغنى عنه ولكنه في الحسن نظير (وبلغتها) قال مؤلف الكتاب (الثعالبي): قد افتتحنا كتاباً صغير الجرم لطيف الحجم في نظائر هذين الحشوين وترجمته بـ (حشو اللوزينج) فمما أودعته إياه أن المأمون قال يوماً ليحيى ابن أكثم: هل تغديت؟ فقال: لا وأيد الله أمير المؤمنين! فقال المأمون ما أظرف هذه الواو وأحسن موقعها. . . ومما عثر عليه من حشو اللوزينج في شعر البحتري قوله للمتوكل:

وجزيت أعلى رتبة مأمولة ... في جنة الفردوس غير معجل

فقد تم الكلام عند قوله في (جنة الفردوس) وقال (غير معجل) أي بعد عمر طويل لأن الجنة إنما يوصل إليها بالموت.

وفي شعر لأبي الطيب:

وتحتقر الدنيا احتقار مجرب ... يرى كل ما فيها وحاشاك فانيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>