سواء خُدعت فوقعت في الشرك المنصوب، أو سولت لك نفسك صيد السمك في المنصورة، أو طمعت في سماع أحاديث (الزيات والزناتي) الحلوة وغير الحلوة، أو طاب لك أن تثرثر في رفاق ظننت أنه لا يستوي عندهم كلامك المقول والمكتوب، سواء أكان هذا أو ذاك، فأكبر الظن عندي أنك فزعت إلى البلد الأمين تنشد الهروب من نفسك!! أليس كذلك؟
للهاربين من نفوسهم قصص وحكايات يعرفها ويضمرها السكير والحشاش والمقامر، وأيضاً المتسكع في الطرق، والضارب في الفلوات، والقاعد في المقاهي، وكل هذه أنواع من بواعث، وأشكال من أسباب، يفتعلها المأزوم للخلاص من همه، فيها الظريف المستملح، وفيها المجرح المؤلم
ومن أظرف حكايات الهاربين من نفوسهم حكاية فزع إبراهيم ناجي الشاعر إلى ديوان زميله ونده الشاعر قسطندي داود كلما استحكمت أزمة نفسه أو افتعلها لها من توهماته وظنونه، ومن يقرأ أشعار ناجي ير مسحة من روح (داودية) شفافة تجلي غمامة الصدر وتبعث الضحك؟ ولو كنت يا صديقي ممن قدر (عليهم) أن يكونوا عرضة للأزمات النفسية التي يزنها الشاعر بميزان مزاجه وعاطفته وتصوراته، فعليك بلا توان بواحد من ديواني شعر الدكتور ناجي أو قسطندي داود فالبرء في قراءة أشعارهما لاشك مضمون
وحكاية ثانية عن الهاربين من أنفسهم بطلها (العبد لله) فعندما تغشاني الغاشية وتكون مسببتها الشيطانة (هي) لا أعمد إلى المسكر، ولا إلى أي سبب يمت بصلة إلى تغشية الواقع بالأوهام أو طلائه بالضحك، بل أتناول كتاباً ضخماً أسميته أنت تجوزاً أو اعتباطاً (ليلى المريضة في العراق)
وكنت أقلب، يا صاحبي المبارك، صفحات كتابك صفحة فصفحة، وأمعن وأغذ السير معك، متشوقاً متطلعاً إلى رؤية وجه ليلى الممرضة يصطفق روحها نفسي المريضة، فكان